إبراهيم عبدالله العمار
تخيل شخصاً على الشاطئ لوحده. إنه يشعر بالملل. يأخذ أحجاراً ويصنع بها خطاً. يأخذ ملعقة فيغترف بها رملاً من أحد الجانبين ويسكبه في الجانب الآخر. يكرر هذا مرة واثنتين وثلاثا ولا يتوقف. يظل ساعات هكذا. يعود ثاني يوم ويفعل نفس الشيء. يكرر هذا الأمر عدة أشهر بصبر. ماذا حدث؟ صار أحد الجانبين أكثر رملاً بكثير من الجانب الآخر. أنجز ما أراد فعله. الآن يريد إعادة الرمل كما كان، فيأخذ ملعقته ويغترف الرمل ثم يرميه في الجانب الأول. يفعلها مرة أخرى، وثالثة، ثم يغضب لأنّ الرمل لم ينتقل كله بسرعة.
هل هذا عقلاني؟ قضى الرجل أشهراً ينقل الرمل، لكنه يغضب لأنه لا يستطيع أن يعيد الأمور كما كانت في دقائق!
هذه هي العقلية التي تؤدي إلى فشل الكثير من الناس في إنقاص وزنهم. الوزن الذي يتكوم على فترة سنين يريد الشخص أن يفقده في أسبوع أو أسبوعين، وإذا لم يستطع فإنه يحبط ويغضب ويترك الرياضة أو البرنامج الغذائي. هذه أول فكرة تضر الشخص ومشروعه لتنحيف نفسه.
اليوم سأركز على الرياضة كعلاج للسمنة، ولا أريد القارئ أن يضيق صدره إذا رأى كلمة «رياضة»، فهي لا تعني بالضرورة الجري أو تمارين اللياقة الشاقة كل يوم لكنها تعني الحركة فحسب. هذه هي الفكرة الثانية التي تضر من يريدون إنقاص وزنهم، فيظن الشخص خطأً أن الرياضة شيء معين، وما عدا هذا لا فائدة له، لكن العكس صحيح: أنفع أنواع الرياضة هي التي تستطيع أن تداوم عليها وإن قلّت. إذا كنت تستطيع أن تترك المصعد وتستخدم الدَرَج كل يوم في العمل، فهذا أفضل بكثير من برنامج رياضي متقطع. إذا كنتِ تعملين في بيتكِ كثيراً ولا تتوقف حركتكِ في أعمال المنزل والعناية بالأبناء، فهذه رياضة أفضل بمراحل من أن تشتركي في نادٍ لا تذهبين له إلا بضع مرات ثم تنقطعين عنه.
طبعاً فائدة الحركة الكثيرة للصحة أعظم بكثير من أن تُذكَر، وقد وُضِعَت كُتب ضخمة في فوائد الحركة للتركيز والتفكير والذكاء والصحة والقوة وكل شيء، لذا الأفضل أن تغيّر نظرتك للرياضة أنها شيء محدود النطاق، تمارسه لتنحف وتتركه، بل إذا جعلت الحركة جزءاً من حياتك اليومية ضمنتَ ليس فقط المنافع العظيمة للصحة، بل أيضاً هدفك المباشر وهو إنقاص وزنك حتى لو تركت الحركة قليلاً، وهذه هي الفكرة الثالثة التي تضر من يريد إنقاص وزنه، فيظن أنه يجب أن يتريض كل يوم وإذا أخل بهذا فسد البرنامج، لكن هذا خطأ، ففوائد الرياضة لا تزول بانقطاعك عدة أيام، ويظل الجسم محتفظاً بالمنافع ينتظرك أن تبدأ ليكمل حرق الدهون وتحسين حساسية الانسولين ليحميك من السكري أو يشفيك منه، حتى إن الجسم يحتفظ بتلك المنافع 2-3 أسابيع، لكن لا تنقطع أكثر من ذلك، فبعدها تضعف العضلات ويصعب حرق الدهون.
إذاً .. في الأمر فسحة. أكثِر الحركة لينقص وزنك واجعل نظرتك بعيدة، لا أنك ستنقص في أسبوع أو شهر، وطالما استمررتَ على الرياضة وأبعدت عن ذهنك تلك الأفكار الخاطئة الثلاث، فسينقص وزنك وستزداد صحة بإذن الله.