إبراهيم عبدالله العمار
كلمة «الضغط النفسي» صارت ترتبط كثيراً بالعمل في هذا العصر. طبعاً الضغط لا يقتصر على ذلك بل يأتي من شؤون عائلية وشخصية وغير ذلك، لكن العمل أكبر مصادرها.
كتاب «سبارك» للدكتور جون ريتي وضع عدة أجزاء لكيفية معالجة الرياضة لعدد من الأمراض الجسدية والنفسية والعقلية، ومما ذُكِر هو تخفيف الرياضة لآثار الضغط النفسي.
هل تجد أنك تجلس كثيراً في المكتب ولا تتحرك ورغم ذلك تشعر بالتعب والنوم إذا رجعت للبيت؟ لا تستغرب، فالجلوس وقلة الحركة لا يأتي منها إلا الضرر، ومن ذلك الإرهاق، وكأن الجسم الذي صممه الله للحركة الكثيرة المستمرة يعترض على تعطيلك له، فيدير ظهره لك وينام متسخطاً!
بما أن مكاتب العمل صارت أكبر مصدر للضغط فقد ظهر الانتباه لهذه المسألة، وأعظم وسيلة لمكافحة الضغط النفسي (وحتى الجسدي) هي الرياضة. زاد عدد الشركات عالمياً التي تتيح مرافق رياضية لموظفيها لتقليل ضغوط العمل، إما في مكان الشركة نفسه أو بالاتفاق مع أندية، والنتائج تثير البهجة، ففي عام 2004م مثلاً وجد باحثون من جامعة ليدز متروبوليتان البريطانية أن أكثر الموظفين الذين استخدموا النادي الرياضي الذي وضعه مقر عملهم صاروا أفضل أداءً، والدراسة شملت 210 أشخاص قرروا بدلاً من الأكل في ساعة الغداء أن يمارسوا الرياضة الإيروبيك والتي تشمل المشي و الهرولة و تمارين اللياقة، وذلك من 45 دقيقة إلى ساعة، وبعضهم لم يفعل هذا واكتفى برفع الأثقال أو ممارسة اليوغا لثلاثين دقيقة إلى ساعة، أياً كان ما فعلوا، فإن تلك الرياضة بشتى أنواعها غَمَرت ما لا يقل عن 65% من الناس بمشاعر طيبة وقوّتهم نفسياً ليتحملوا أعباء العمل وصاروا أقل ضغطاً نفسياً، بل المفاجئ أنهم صاروا أكثر نشاطاً وقت العصر بعد العودة من العمل، رغم أنهم أجهدوا أنفسهم وقت الظهيرة!
دراسات أخرى وجدت أن من يتريضون باستمرار أقل أمراضاً ممن لا يمارس الرياضة، ولا يغيبون عن العمل بسبب المرض كثيراً، ومن ذلك موظفو شركة نورثرن غاز الذين شاركوا في برنامج رياضي شامل نظّمته الشركة وبعدها صار المتريضون أقل طلباً للإجازة المرضية بنسبة 80%. شركة جنرال إلكتريك لاحظت أن الذين يتريّضون باستمرار في نادي الشركة انخفضت إجازاتهم المرضية أكثر من الربع، بينما الجالسون زادت بنسبة 17%.
شركة كوكا كولا نشرت تقريراً في التسعينيات أعلنت فيها أن موظفيها الذين انضموا لبرنامج الشركة الرياضي انخفضت مطالباتهم المالية الطبية للفرد بقدر 500 دولار أمريكي.
إن الضغط مشكلة ويخلق أمراضاً كثيرة. والجلوس في حد ذاته يسبب عللاً شتى. أما إذا جمعتَ الاثنين (كأن تكون قليل الحركة وكثير الضغوط في العمل) فإنك تصنع مصائب لصحتك، فهذان العاملات اللذان انتشرا بشدة ثبت بالملاحظة العلمية أنهما يسببان من الأمراض الشيء العظيم، منها تصلب المفاصل، ومتلازمة الإجهاد الدائم، و فايبروميالجيا (علة تؤلم العضلات والعظام)، وأمراضاً مناعية أخرى. وثَبَتَ أن تخفيف الضغط النفسي بأي طريقة لكن خاصة بالرياضة يساعد المرضى في التعافي من هذه الأمراض والتي تنتج بسبب ضعف المناعة، حتى أن الأطباء صاروا يوصون مرضى السرطان بالرياضة ليس فقط لتقوية جهاز المناعة ومحاربة المرض بل أيضاً لتخفيف الضغط والاكتئاب.
كلما زادت ضغوطك زادت حاجة جسمك للحركة. تحرك كل يوم لتحمي صحتك من الضغوط وتقوي مخك.