يوسف المحيميد
تكشف مصادر هذه الصحيفة أن وزارة العمل تدرس إمكانية وضع ضوابط تتيح لشركات الاستقدام في دول مجلس التعاون بتصدير العمالة المنزلية إلى المملكة، يبدو أن وزارة العمل استسلمت أخيراً بعد عشر سنوات من فتح سوق سوداء مخيفة في الداخل للمتاجرة بالعمالة المنزلية، فها هي تدرس إمكانية فتح فروع لشركات الاستقدام الخليجية داخل المملكة لخلق مجال للمنافسة بين الشركات المقدمة لخدمة الاستقدام وفتح المجال للمواطنين وتخفيفاً عنهم لحل مشكلة ارتفاع تكاليف الاستقدام.
حول ذلك ثمة ثلاثة أسئلة في ذهني، وأن أقرأ الخبر، فالسؤال الأول هو ما ورد في أذهانكم - أيها القرّاء - متى ستنتهي هذه الدراسة، خاصة أن وزارة العمل من أكثر الوزارات التي لا تتوقف عن الدراسة منذ سنوات، لدرجة أشعر معها أنها تحولت إلى وزارة العمل للدارسات والأبحاث العمالية، ومع ذلك لا شيء يحدث، فلا أحد يعرف نتائج هذه الدراسات، وحتى لو عرفنا النتائج، ما جدوى ذلك ما لم يكن هناك تنفيذ عاجل ومباشر، وحل سريع للعمالة المنزلية، بدلاً من فوضى المتاجرة بالبشر، التي استغلها كثير من ضعاف النفوس، وأصبحت قيمة العاملة المنزلية تصل إلى أربعين ألفاً للفلبينية والإندونيسية، وبهذا المبلغ يستقدم الخليجيون نحو خمس عاملات منزليات، مع أن دولنا متشابهة كثيراً على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
أما السؤال الثاني فهو لماذا لم يدرس هذا الأمر منذ بداية الأزمة، هل أوحى المواطن للوزارة بهذه الفكرة، من خلال هروبه من مكاتب الاستقدام في الداخل، إلى مكاتب خليجية في البحرين وقطر أكثر سهولة في التعامل، وأقل تكلفة، وأقل وقتاً لحين وصول العاملة المنزلية؟ إذا كانت الوزارة اهتدت بالفكرة من خلال المواطن، وتحاول أن تفعِّل ذلك من خلال (بيدي لا بيد عمرو) فهي ليست مؤهلة للدراسات واتخاذ القرار، لأنها ستبقي الدراسة لسنوات دون أن تتخذ قراراً في ذلك.
أما السؤال الثالث والأخير، فهل لنا الحق بالسماح، أو عدم السماح، لهذه الشركات بالعمل داخل البلاد، ألا يعني التوقيع على اتفاقية التجارة العالمية منح المستثمرين والشركات فرصة العمل والاستثمار في الداخل، بالمساواة مع الشركات الوطنية، بمنطق السوق الحر المفتوح، خاصة أن نشاطها مما لا يعارض أنظمتنا وقوانيننا، أي لا يصطدم بعاداتنا وتقاليدنا، وما نسميه خصوصيتنا، مع أن الانضمام للتجارة العالمية يعني عدم الاعتراف بمثل هذه الشروط والأعراف!
أعتقد أن وزارة العمل فشلت فشلاً ذريعاً في حل ملف استقدام العمالة المنزلية، ولم تنجح حتى الآن، رغم محاولاتها غير الجادة لإنجاز ذلك، خاصة حينما تفتح الاستقدام من دول لا تلائم الأسر السعودية، وتعيد التجربة مراراً، مما جعل المواطن يلجأ إلى دول الجوار الخليجي!