يوسف المحيميد
لن يكف الإرهاب، كل مرة، عن الكشف عن وجهه البغيض، حتى وإن توقف لفترة، أو حتى لو فشل المرة تلو الأخرى، في تنفيذ أهدافه، أو أجندته التي باتت مكشوفة للمواطنين، بل حتى للمراهقين، ومن لا تدخل لعبة السياسة ضمن دائرة اهتماماته، فمنذ أن دخلت أول دبابة أمريكية العراق عام 2003، وهي تحمل في فوهتها نار المذهبية، وتقسم المسلمين إلى فسطاطين متناحرين، سنَّة وشيعة، واللعبة تسير كما يُخطط لها، بل ويتم اقتراح أوراق جديدة تؤدي الدور بطريقة أعنف، سواء على مستوى دول، بشكل مباشر، أو عبر وكلاء لها في المنطقة، أو على مستوى تنظيمات إرهابية، تُجند أتباعها في مختلف الدول، وتقوم بالتفجير ما بين الفينة والأخرى.
وقد جاء التفجير الجبان الذي استهدف مسجد الإمام الرضا بالأحساء، واستشهد فيه ثلاثة مواطنين، امتدادًا لغيره من المحاولات البائسة في إذكاء التفرقة المذهبية في هذا الوطن، لكن كل ما يحدث لا يؤثر بين أبناء هذا المجتمع، بل يزيد وعيهم بما يحاك ضدهم من مؤامرة واضحة، لإثارة العداوة، وإخلال الأمن، ويضاعف توحدهم ضد هذا العدو الوحيد، الإرهاب، الذي لا دين له، ولا مذهب، ولذلك يمكن القول إن المجتمع يعي تمامًا ذلك، ويؤمن به، ويعمل لأجله.
ومع ذلك، انتشرت بعض مقاطع الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، من قلب الحدث، لأشخاص وعيهم بسيط ومحدود، قاموا بالتصوير والتعليق بشكل استفزازي وطائفي، فإما يحرّض أحدهم على مذهب أو طائفة، أو يشكك في الدولة ومصداقية القضاء في البلاد، وهذا أمر غير مقبول من مواطن ينعم بالراحة والأمن والرفاه.
إننا مطالبون الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بالتآلف والتآخي والتكاتف ضد عدونا الضخم، الذي يتناسل ويتكرر بصيغ متعددة، المدعو الإرهاب، الذي يكرر المحاولة تلو الأخرى، لإثارة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، دون أن ينجح، ولن ينجح بإذن الله، ولكن كيف يجب علينا أن نواجه ذلك الأمر، وأن يكون كل واحد منا رقيبًا على نفسه، وعلى من حوله، هو ألا يكون شريكًا في مثل هذه المقاطع المسيئة، سواء بصناعتها والمشاركة بالتأجيج بين المواطنين، أو حتى بإعادة تدويرها وإرسالها، في الواتساب، وضمن المجموعات (القروبات)، وهذا هو الأكثر تأجيجًا، بما لا يفيد البلاد وتوحيد نبضها، وحلمها في الأمن والنمو والازدهار.
فعلينا أن ندعم بعضنا بعضًا، بإيقاف هذه المقاطع المسيئة، فما على أي واحد منا سوى إيقاف أي مقطع أو تغريدة، يشعر أنها لا تسهم في التهدئة، وتعزيز الشعور بالمواطنة!
وأختتم مقالي بتغريدة جميلة لأحد الناجين من التفجير، هو مصور فوتوغرافي من الأحساء، يقول فيها: لقد منّ الله عليَّ بالنجاة، من يد الإرهاب الغادرة، التي لا تزيدنا إلا إيمانًا بالله وحبَّا في الوطن!
ونحن أيضًا نزداد إيمانًا بالله، ثم بأهلنا وأبنائنا ووطننا.