ناهد باشطح
فاصلة:
«الإنسان مدني بطبعه إلا أن ميوله العدوانية تتطلب بالطبع قيام أداء لضبط سلوكه».
-ابن خلدون-
في ثمانينيات القرن العشرين أحدثت نظرية «النوافذ المحطمة» تحولاً جذريًا في كيفية طرد الأشخاص غير المرغوب فيهم وإبعادهم من المجتمع لسلوكهم غير المرغوب فيه في المجتمع، لكنها خالفت الدستورية لدى المحكمة العليا.
مما أظهر قوانين الكياسة في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، والتي كانت تجرم الأنشطة التي تعتبر غير مرغوب فيها، كتخريب الأماكن العامة والتعدي على ممتلكات الغير أو أي سلوك مخالف للقانون.
هذه جزء من تاريخ تقنيات الضبط الاجتماعي في المجتمعات. والإشكالية ليست في أهمية وجود الضبط الاجتماعي، إذ لا يتوفر استقرار وأمن المجتمعات بدونه، إنما الإشكالية الحقيقية في تقنيات ووسائل الضبط الاجتماعي التي تسنها مؤسسات المجتمع الرسمية.
فإذا كانت أدوات الضبط الاجتماعي هي الدين، القانون، التربية والعرف، فإن هذا يعني أنه لا يمكن لإحدى هذه الوسائل أن تقوم بمفردها بإتمام عملية الضبط الاجتماعي في أي مجتمع.
وهذا يجعلنا نتحدث عن ميكانزمات الضبط الاجتماعي، التي تعمل على تنظيم الأشياء والحيلولة دون وقوع الانحرافات.
والتي يحدد مواصفاتها الدكتور عبد العاطي علي في مقالته «الضبط الاجتماعي، دراسة في سوسيولوجيا المفهوم». بأن تكون لهذه الميكانزمات القدرة على كف الأشخاص عن مخالفة القواعد المحددة والخروج عليها.
من هنا تبرز أهمية وجود القانون كأساس لعملية الضبط الاجتماعي.
القانون يقلل الصراعات ويحقق الاستقرار والتعاون الاجتماعي وبدونه لا يتحقق الهدف من وجود الضبط الاجتماعي الرسمي والذي تسنه الحكومات لصالح المجتمعات.
في مجتمعنا هل توجد قوانين واضحة لمؤسسات الضبط الاجتماعي الرسمية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن النكر؟
فإذا كان لها قوانين محددة لا نعلمها فالهيئة مطالبة بنشرها حتى يتعرف عليها أفراد المجتمع، إذ لا يمكن لمؤسسة في مثل أهميتها أن تشذ عن الهدف الذي أوجدت من أجله بسبب اجتهادات موظفيها أو أخطائهم حيث إنها تسهم في تشكيل الصورة الذهنية عن مجتمعنا على الصعيد الإعلامي الداخلي والخارجي.
وحتى لا تجد الهيئة نفسها في أزمة مع مجتمع أوجدت لاستقراره وليس لمزيد من الصراعات فيه.