ناهد باشطح
فاصلة :
((الحلاوة لا تصل إلى الفم بترديد كلمة عسل.. عسل))
-حكمة تركية-
لا شيء يمكن أن يجعلك ترثي للنساء قدر مشاهدتهن في صالات الانتظار في محكمة الأحوال الشخصية.
قصص مختلفة معظمها لها عنوان واحد قدرة الرجل على الاستفادة من عدم وجود قانون للأحوال الشخصية لدينا، وفي أحكام الحضانة ورؤية الأطفال يظل الأمر خاضعا لتقديرات القاضي، ولايوجد لدينا أمر مقنن.
والضحية غالبا هم الأبناء حيث منذ قرار أحد الطرفين بالطلاق لا يتم الاتفاق بما يحفظ للأطفال حياة كريمة بل يجنح الطرفان أو أحدهما إلى ممارسة فنون الانتقام من الآخر.
النساء في صالة الانتظار غالبا يشكين وضعهن أو عدم رضاهن عن الجلسة التي حضرنها مع القاضي بوجود الخصم أو عدمه.
ورغم أن القضاة غالبا يستمعون للمرأة وليس دائما، إلا أن عدم وجود التقنيين يجعل مسألة الحكم اجتهادية وقد تخسر المرأة كثيرا ليس بسبب حكم القاضي وإنما بسبب جهلها بحقوقها أولا ثم بكيفية الدفاع عن قضيتها.
وما تنشره الصحافة أحيانا من أحكام فردية مناصرة للمرأة يغيب فيها صوت المرأة الذي لا بد أن يظهر ليحكي إلى أي مدى عانت ودفعت المال والوقت والجهد النفسي لتحصل على مثل هذا الحكم الذي ليس بالضرورة أن تحصل عليه امرأة أخرى لها نفس تفاصيل المطالبة إنما لدى قاض آخر.
أن تستمر قضية نفقة الأبناء سنوات وتحوّل من قاض لآخر ثم يحسمها قاض بحكم مستعجل لنفقة الأبناء حتى يتم الفصل في النفقة يجعلنا نتساءل وماذا عن السنوات الماضية ؟
وكيف للمحكمة ضمان أن لدى الأم القدرة على الإنفاق لسنوات حتى حصلت على الحكم المستعجل الذي من المفترض أن يكون منذ بدايات القضية ولا يستغرق وقتا طويلا .
أو أن يهرب الأب بأطفاله دون أن تعرف الأم أين مكانهم لأسابيع وفيهم طفل عمره تسعة أشهر ثم تعلم الأم أنه سافر بهم خارج الرياض ولا تعرف إلى أين؟
كيف يمكن أن تعالج هكذا قضية في محكمة ما بين جلساتها عدة أشهر؟
لو رأيتم دموع الأم وهي تحكي كنت أخالها قطرات دم وليس دمع.
قصص النساء في المحاكم أغرب من الخيال ومن واقع لا زلنا فيه نناقش تطبيق قانون الأحوال الشخصية.
ولا زلنا نناقش وجود المجلس الأعلى للأسرة أو وجود مؤسسات أو منظمات أهلية للمرأة لدعمها وتمكينها بشكل عام والإسراع في تطبيق القوانين التي تحفظ حقوقها من تسلط المجتمع وبعض أفراده.