أ. د.عثمان بن صالح العامر
الجنادرية اسم يعشقه المثقف العربي أينما كان، ويتوق المهاجرون منهم والمستقرون في أوطانهم الحصول على دعوة ملكية كريمة لحضور هذه التظاهرة الثقافية الفريدة والمحفل العربي المتميز، وجوهرة العقد في أيام وأحداث هذا الملتقى الرائد الرائع الظفر بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والسلام عليه والاستماع لحديثه والتحدث معه وجهاً لوجه. والمتبصر بمضامين الكلمة التي ألقاها - حفظه الله ورعاه - يدرك الخطوط العريضة للسياستين الداخلية والخارجية التي تنتهجها قيادة بلادنا الحكيمة، كما أنه يعي تمسك المملكة العربية السعودية بمرجعيتها، ومحافظتها على منطلقاتها، ورسوخ قيمها ومرتكزاتها التي دوّنها المؤرخون وحفظها التاريخ شاهداً لها وعليها. وعليه فإن واجب المثقف العربي الذي شرُف بهذا اللقاء التاريخي أن يكون رسول خير، وأن ينقل ما سمع وشاهد دون زيادة أو نقصان، إذ إن هذه الكلمات والمشاهدات ليست ملكًا لشخص المدعو فحسب، بل هي حق للجماهير الغفيرة التي تقرأ وتسمع وتتابع وترصد.
لقد تتابع تدفق المدعوّين لحضور المهرجان الوطني للتراث والثقافة على العاصمة الرياض طوال ثلاثة عقود أو يزيد، ووفّرت وزارة الحرس الوطني لهؤلاء الضيوف وسائل التنقل والاستقرار، وأتاحت لمن أراد منهم الذهاب للمدينة المنورة حيث زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- والصلاة في مسجده الشريف، ثم الذهاب لمكة المكرمة من أجل أداء مناسك العمرة، فضلاً عن اللقاءات والاجتماعات الفردية والجماعية بكبار المسئولين والمفكرين والمثقفين والأدباء من جميع الأطياف وكل الطبقات، ومنحوهم جميعاً فرصة الاطلاع الفعلي على شواهدنا الحضارية والتنموية بكل حرية وأريحية وتراحب واحترام، وأعتقد بعد كل هذا أن في عنق هؤلاء دينًا يجب عليهم الوفاء به إزاء هذه البلاد المباركة التي احتفت بهم وقدرت أشخاصهم واهتمت بأفكارهم وما يكتبون ويقولون، نعم إنهم مطالبون بمنطق العقل والالتزام الأدبي أن يشاركوا في بناء صورة ذهنية حقيقية عن مملكتنا الغالية بكل أمانة ومصداقية وشفافية ووضوح.
إن مما يحز في النفس أن من هؤلاء المثقفين:
* من أدار ظهر المجن لهذا الوطن المعطاء متنكراً للفضل ومتناسيًا ما رآه وسمعه، وناسباً لنا ما ليس فينا للأسف الشديد، ومختاراً - وهو بكامل قواه العقلية ويملك إرادته الشخصية - أن يقف في خندق الضد، ويعلن عداءه السافر للقيادة السعودية التي تقود الأمة العربية والإسلامية اليوم بكل حزم وعزم لاستعادة الكرامة المهدرة وحقن الدم المستباح.
* وهناك من فضلوا السكوت، وكأنهم لم يعرفوا هذه البلاد ولم تطأ أقدامهم بلاط قصر الملك يوماً ما.
* وثالث كان حديثه -إن تحدث- عن المملكة العربية السعودية محايداً وعلى استحياء .
* والصنف الرابع مثقفون منصفون قالوا الحقيقية وصدعوا بها، ونحن قيادة وشعباً لا نريد أن يروى عنا ويقال فينا ويكتب ويدوّن ويسطّر إلا ما نحن فيه من واقع وما نعتقده من أفكار ونؤمن به من مسلمات، دون تزييف أو تنميق وتحريف وتهويل.
هذا هو الرجاء والأمل فيمن هم اليوم في العاصمة الرياض، ومن خلفهم طوابير المغردين والكتاب والمعلقين والمصورين أينما كانوا وفي أي بلد حلّوا، حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.