أ. د.عثمان بن صالح العامر
هناك أخطاء قاتلة لا يمكن أن ينفك منها مقارفها ومرتكبها بسهولة، وجزماً متى تمكنت منه وأدمنها ستهدم حياته وتدمر علاقاته وتفسد واقعه وتقضي على مستقبله.
* على رأس هذه الأخطاء القاصمة - نسأل الله السلامة منها لنا ولكم ولأبنائنا وبناتنا - تعاطي المخدرات التي أضحت خطراً يطرق الأبواب بل يلج الغرف الخاصة ويدلف للاستراحات والمقاهي والتجمعات العامة من فتحات النوافذ وشاشات الهواتف من خلال التواصل الاجتماعي وعبرالمواقع المشبوهة التي لا حصر لها ولا عد، ورسل هذا الداء الفتاك هم أصدقاء السوء ورفاق الشر وقانا الله وإياكم مكرهم وكيدهم وخداعهم.
* هذا الخطر اللعين الذي يسري بين فئة عريضة من فلذات الأكبا اليوم - للأسف الشديد - يثير التعجب والاستغراب ويبعث في النفس سيل من الأسئلة الحزينة والمؤلمة،حتى صار من المجزوم به لدى المختصين والباحثين والمراقبين والمسئولين أن هناك دول ومنظمات عالمية تقف خلف مشروع مدروس ومخطط له لترويج المخدرات وبث السموم القاتلة - خاصة الحشيش وحبوب الكبتاجون ومادة الهيروين وهي كلها مواد تؤدي إلى الأمراض النفسية والعقلية والجسدية الخطيرة. - أقول إن من المجزوم به أن هناك مشروع لترويج المخدرات في أوساط الشباب السعودي بل والتغرير بالصغار الذين لا يعرفون بعدُ الضار من النافع لهم في دنياهم ولا يفرقون بين الخيرّ والشرير من بني البشر. هدف هذا المشروع المدعوم والممول بملايين الدولارات تدمير عقول النشء وإفساد حياتهم واستلاب أموالهم والقضاء على طموحاتهم وأحلامهم ومن ثم إضعاف أركان هذا الكيان القوي العزيز «المملكة العربية السعودية».
* بالأمس القريب كان يتحدث لي والد مكلوم عن حكاية ولده الذي ينتظر سريراً في مستشفى الأمل بالرياض، يحدثني بكل حرقة وألم عن طوابير الانتظار وحال المدمنين وواقع المسجونين ويتأسف على حال فلذة كبده الذي لم يدر هو وأمه وأهل بيته عن واقعه المر إلا بعد أن صار في منظومة المدمنين.
* يبعث هذا الأب المهموم نصيحته لكل أب قائلاً بكل شفافية وصراحة ووضوح: (قبل أن يقع الفأس بالرأس، قبل أن تبحث عن سرير في مستشفيات الأمل، قبل أن تقول يا حسرتاه على ولدي، قبل أن تضرب كفا بكف وأنت تصرخ «هذا ما جنته يدي»، أقول قبل وقفة المحاسبة والعتاب هذه كن قريباً من أبناءك، راقبهم جيداً، صاحبهم وسافر معهم، اعرف أصدقاءهم، ومع من يسهرون وعلى ماذا يجلسون، كم من المال يصرفون وماذا يشترون).
* قد يتساءل الواحد منا، كيف لي أن أعرف وقوع ولدى بالمخدرات لا سمح الله ؟
ذكر أهل الاختصاص في الصحة النفسية ومعالجة الإدمان أن هناك علامات ومؤشرات عامة هامة من بينها:
- ضعف الأداء الأكاديمي، والتغيب عن المدرسة، أو العمل.
- تدهور الصحة العامة، وعدم الاكتراث بالحالة الجسدية.
- فقدان الاهتمام بالمظهر العام.
- العزلة الاجتماعية.
- الحاجة للمزيد من المال والإلحاح بطلبه بشكل لم يكن معتاداً من قبل.
* في وقت سابق نبه تقرير صدر عن المركز الوطني للإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة الأسر إلى خطورة الإدمان، وعد من علامات الإدمان التي تظهر للعيان: (النعاس، الرجفة، احمرار العينين، اتساع في حدقة العين، عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر العام، فقدان الشهية أو زيادتها، وجود هالات سوداء تحت العينين، اضطراب في النوم).
* كما أشار إلى أن (الأسرة تعرف بأن لديها مدمناً من خلال تغيير في الأصدقاء، التعامل بعدوانية مع الآخرين، عزلة وانسحاب اجتماعي، ضعف في التحصيل الدراسي، كسل وغياب عن الدراسة أو العمل، زيادة غير مبررة في الحصول على المال، إضافة إلى تذبذب وعنف في العلاقة مع الوالدين والإخوان والأخوات).
* ولذا أرى لازماً على الأباء وأولياء الأمور الذين يساورهم الشك إزاء واقع أولادهم فلذات أكبادهم المبادرة لاصطحابهم إلى أقرب مستشفى أو مركز متخصص بالتحاليل وأخذ الفحوصات اللازمة لهم قبل أن يستفحل الأمر بهم ويفتك الداء بأجسادهم وهم عنهم غافلون لاسمح الله.
حفظ الله ذرياتنا ووقانا جميعاً شر من به شر ورد كيد أعدائنا في نحورهم، اللهم أمين، وإلى لقاء والسلام.