علي عبدالله المفضي
عادة ما يكون لحسن الصياغة وسجع الكلام اثر في النفوس يصل إلى القناعة بما يقوله البيت أو المثل، فإذا كانت تحمل معنى أو قيمة غير جيدة عن قصد أو غير قصد من قائلها وغفلة من متلقيها وعدم عرضها على العقل والخلق فإنها قد تؤدي إلى اقتداء غير محمود والأمثلة كثيرة لا مجال هنا لسردها، كأن يقول قائل (ليت ربي فعل كذا ولم يفعل كذا) والعياذ بالله، أو مما يأتي في بعض أبيات الغزل التي يدعو ظاهرها إلى التهاون بالفضيلة والدعوة إلى عكسها.
وقد يقول قائل ان التدقيق في القصيدة والتهذيب والتنقيح الزائد قد يفسد عفوية القصيدة وتلقائيتها وأنا معه إلى حدٍ ما لأنني لا أطالب الشاعر بأن يحضر الرقيب أثناء الكتابة فيصبح كمن يراقب خطواته خوفا من السقوط وكأنه يمشي على حبل، ولتلافي إعاقة العملية الإبداعية وقتلها بالتدقيق أثناء الكتابة لا بُدَّ من مراجعة القصيدة وعرضها على وعيه أو من يثق برأيه واستبعاد ما يتعارض مع الثوابت والمُثل والأخلاق فالشاعر مؤتمن على ما يبثه للناس.
وكثير من الشعراء تراجعوا عما كتبوا أو عدلوا عندما جاء من نبههم الى الخطأ الذي وقعوا فيه، وقد لا يكون الخطأ بهذا المستوى من السوء كأن يكون لغويا أو فنيا ومع ذلك لا يجب تركه، واذكر ان الشاعر الكبير بدر الحويفي رحمه الله قال في لقاءٍ معه: لا مانع لديّ ان اعدل في قصيدتي إذا نبهني أحد إليه.