د. عبدالله بن ثاني
كلمة خادم الحرمين الشريفين حملت مضامين وثوابت تمثل السياسة السعودية المتزنة والحكيمة التي لم تخرج عن روح الإسلام وقيم العروبة والأمة بحاجة إلى تفعيل هذه المضامين الواردة في كلمته - حفظه الله- أمام النخب الدينية والثقافية في العالم، وكانت رسالة واضحة للجميع بما تحمله قيادة المملكة العربية السعودية من التزام أخلاقي تجاه أزمات العالم، وبيان أن المملكة تؤكد كعادتها على احترام السلم الدولي والسلام العالمي في عدم التدخل في شؤون الآخرين، وفي مقابل ذلك حذر - حفظه الله- من التدخل فيما يضر بالأمن القومي ومصلحة شعوب العالم وحذر من العبث بمستقبل الإنسان في هذه الأرض التي كانت مهمته الكبرى تعميرها، وليس تدميرها بحروب طائفية ومكائد لا تمت للإسلام بصلة ولا بقيم الشرف العالمي. وهذا ما يتفق مع رؤية الشرفاء الذين ينحازون لقضايا الشعوب الواقعة تحت الظلم والتطرف والإرهاب بكل صوره وأشكاله، وكانت المملكة العربية السعودية أول من كافحه وجفف منابعه بشكل ممنهج أصبح مثالاً ناجحاً لعلاج مثل هذه الكوارث الفكرية والمواجهات المسلحة التي يكتوي بها العالم اليوم، وتعاني من ويلاتها الشعوب البريئة في صورة تتناقض مع الإسلام وسماحته في الحفاظ على الضرورات الخمس للبشرية جمعاء، وأثبتت الأزمات التي مرت بالمنطقة، وكان تأثيرها على العالم، نجاح السياسة السعودية في تناول معطيات القضايا عبر أروقة القرار الأممي، وتحث عليه عبر القنوات الدبلوماسية الجادة والحازمة من خلال إيجاد الحلول المناسبة والحفاظ على أن مقدرات الأمة ومكتسباتها وتاريخها لايقبل مغامرات الطائفيين والمارقين على القانون.
وهذا ما أكد عليه خطاب خادم الحرمين الشريفين في هذا المحفل العالمي الذي ترعاه المملكة العربية السعودية من كل عام، وهو ينطلق من رؤية اتفقت معها وجهات نظر الشرفاء في العالم بكل ما يحمله من ضرورة تتطلبها المرحلة التي يمر بها عالمنا العربي وما فيه من تأزيم طائفي وتدخلات ومطامع في الأمن القومي العربي من قبل الأطراف غير المسؤولة عن كل هذه الفوضى وما تضمنه دستورها الطائفي ونظامها الإقصائي عبر سنين مضت تخللها كوارث وحروب ولم تخل منها مواسم العبادات، وكان الطرف الرئيس في كل هذا المشهد بكل أسف جمهورية إيران التي لم تراع مبادئ الأخوة والجوار والمصير المشترك..!!
والمملكة، كما بين خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، تستحضر بعدها الإسلامي وموقعها الروحي بما تملكه من مقومات ليست موجودة عند غيرها في حفظ التوازن أمام الهزات والخزعبلات، كما أنه نص على الدفاع عن إرادة الشعوب في خياراتها التي كفلتها لها الأنظمة والقانون الدولي والأديان السماوية وكل ما يدعم حقوق الإنسان وتطلعات شعوب المنطقة.