لبنى الخميس
منذ أن بدأت الكتابة في هذه الصحيفة العريقة، وسط فريق تحرير متميز يقوده سعادة خالد المالك مصمم رحلة الجزيرة نحو آفاق النجاح وبريق المراكز الأولى.. أخذت على نفسي عاتقاً أن يكون هذا العمود منبراً لآرائي عن الحياة، وترجمة واقعية لمراحل حياتي المتعددة، بنجاحاتها وعثراتها، أفراحها وأتراحها. فقد احتضن هذا العمود فرحة تخرجي من كلية الشيخ محمد بن راشد للإعلام، لأتلقى بعد نشره وابلاً من عبارات التهنئة والتبريكات من قراء عرفوني وعرفتهم من خلال صفحات الجزيرة، وشاركت بهذا العمود.. كذلك أصعب لحظات حياتي التي تمثلت في رحيل والدي، فلا أنسى دموعي وهي تنسكب بغزارة وأنا أكتب مقال رثائه «لأول مرة بلا عنوان» في أحد مقاعد الطائرة التي حملتني من لوس أنجلوس مقر علاجه من الداء الخبيث إلى الرياض بعد وفاته بأقل من 24 ساعة. وقتها أدركت أن الكتابة هي شغفي متنفسي وهويتي، وشعرت بشفقة عميقة تجاه كل من بداخله قصة لم يرويها قلمه وقلبه، إلا أني لم أتوقع أن تحتل جزءاً كبيراً من مستقبلي، وتشكل نسبة لا يستهان بها من نوعية التجارب التي أخوضها.. فمنذ أن اكتشفت علاقتي بالقلم والأوراق وبوصلة مصيري تتجه تدريجياً نحو آفاق الكتابة والعمل الصحفي، وذلك عبر تخصصي الجامعي (صحافة) وممارستي للكتابة الإسبوعية قبل ذلك.. واليوم في عملي في مكاتب الشيخ محمد بن راشد في دبي الذي تشكل الكتابة الإبداعية منه نسبة كبرى.. بالإضافة إلى مشاركتي في القمة العالمية للحكومات التي تنطلق اليوم في دبي والمتمثلة في مد جسور بين ما يحدث في القاعات إلى الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي (كتابياً) ضمن الفريق الإعلامي الموكل بتغطية الحدث وإيصاله للعالم الكبير خارج أسوار القاعات.
ما أسعى إلى قوله عبر هذا المقال هو أن شغفكم الحقيقي في الحياة سيشكل بشكل أو بآخر جزءاً كبيراً من مستقبلكم.. سيتسلل كصوت طائر شجي إلى مساحات جديدة وميادين متنوعة من حياتكم، لذلك عاملوا شغفكم بشكل خاص وحصري، وتعاطوا معه كطفل مدلل، واستثمروا فيه كلما سنحت لكم الفرصة عبر دورات تدريبية أو ورش عمل، فبقدر ما تمنحوه من وقتكم واهتمامكم سيرد لكم العطاء أضعافاً. لا تعطل شغفك بل استثمره واجعله يعود عليك بنفع مادي ومعنوي، لطالما شدني الإصرار في قصص العظماء والمبدعين الذين أناروا البشرية بإبداعاتهم، وتساءلت كثيراً ما سر هذه العزيمة التي لا تهزم على الرغم من كثرة المعوقات والإحباطات التي واجهوها؟.. فاكتشفت مؤخراً أنهم اكتشفوا شغفهم وقرروا أن يقرنوه بالخبرة والممارسة والاطلاع على تجارب من سبقوهم، فنجحوا وتميزوا وخلّدت أسماءهم في ذاكرة التاريخ.. فشغف «ستيف جوبز» بالإلكترونيات وتصميمها صنع منه نجماً لا تزيده الأيام إلا بريقاً، وشغف «أوبرا وينفري» بالإعلام والتقديم وإصرارها على أهدافها جعلها أيقونة الإعلام، والمرأة الأكثر تأثيراً ونفوذاً بالعالم، وشغف «نجيب محفوظ» بالكتابة واكتشاف حدوتة الحي جعله ينتج مئات الروايات العظيمة، وعشق مارادونا للساحرة المستديرة وموهبته التي قرنت بالشغف تخبرنا أنه عجز عن ترك الملاعب فعاد إليها مدرباً وحبيباً مخلصاً.
ابحث في داخلك عن الشغف، وإن لم تجده ابحث عن نفسك.. واجعلها تخبرك بما تهوى ففي شغفك نجاحك وسعادتك وروعة حكايتك.
نبض الضمير
(أنا سعيد جداً لأني كاتب، هي أجمل ما يتمناه الإنسان لنفسه، وهي اسوأ ما يعاني منه الإنسان، لكني كاتب. ولا أود أن أكون شيئاً آخر. يمكنني أن أقول بأني وجدت في الكتابة كل ما يناسبني. من حلاوتها ورهقها).
- حمور زيادة