لبنى الخميس
في منهج السنة الرابعة من كلية الشيخ محمد بن راشد للإعلام، يلتقي طلبة الصحافة مع طلاب الإنتاج التلفزيوني في مادة بعنوان: «الأفلام الوثائقية» التي تحضرهم «لطبخ» وإعداد وإخراج أفلامهم الوثائقية الخاصة، وذلك بعد طرح أفكارهم فوق طاولة المفاوضات مع أستاذ المادة الذي يضع أفكارهم على المحك، ليختبر مدى تعلقهم بها وإيمانهم بالرسالة التي تحملها.. فإما أن يغلبهم أو يغلبوه.
ويبدو أن الطالبة اللّماحة «علياء حموري» نجحت في إقناع أستاذها بتفرد فكرة فيلمها الوثائقي الذي يهدف إلى إثبات أو نفي نظرية شهيرة بعنوان «ست درجات من التباعد» التي تم صياغتها من قبل كارنيثي فريغيس وتم ترويجها من خلال مسرحية كتبها جون جويبر. هذه النظرية تدعي بأن أي شخص على وجه الأرض ذو علاقة مع أي شخص آخر من خلال سلسة من الأشخاص لا يزيد عددهم عن6 فبالرغم من اختلافاتنا وتنوع جذورنا وخلفياتنا وتفاوت قيمنا ومعتقداتنا فإننا على بعد6 درجات فقط. النظرية ألهمت علياء لاختبارها تحت نار ساخنة عبر محاولة الوصول إلى فارس الإلهام وهازم اللامستحيل وعاشق الرقم واحد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. وفعلاً بدأت الرحلة عبر إنشاء صفحة في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وأخرى على تويتر بالإضافة لإطلاق «خط ساخن» لتعريف الجمهور بقصة الفيلم واستقبال أية معلومات أو مشاركات قد تقربهم من تحقيق حلمهم بمقابلة سموه.
مضت الأسابيع بسرعة فائقة.. وساعة يد علياء تدق مع نبضات قلبها.. أملاً للوصول لمبتغاها.. لكن تتابع الأحداث الرتيب كان ينذر بانحراف قادم عن مسار الطريق، وصعوبات قد تعرقل فرص تحقيق الهدف.. فقد اقترب موعد تسليم الأفلام الوثائقية وارتفعت أصوات «الغمز واللمز» عن جدوى طرح هذه الفكرة من أساسها، وهدر ساعات طويلة من العمل والمتابعة داخل غرفة الإنتاج الصغيرة التي تحولت مع الوقت لغرفة عمليات حية لاقتناص الهدف.
وأخيراً حدث ما لم يكن في الحسبان، وتحديداً في آخر يوم لتسليم الأفلام الوثائقية.. تلقت علياء وفريقها نبأ علم الشيخ محمد بمشروعهم ورغبته بمقابلتهم والتعرف أكثر على فكرة الفيلم.. لكن علياء لم ترد أن تستأثر بتلك اللحظة الاستثنائية واللقاء التاريخي لنفسها، بل اقترحت أن تضم عدداً كبيراً من أبناء دفعتها في هذا اللقاء.. وفي صباح اليوم التالي اجتمع 40 من طلاب كلية الشيخ محمد بن راشد للإعلام بشقيها الصحافة والإنتاج التلفزيوني بسموه في مقر مكتبه الإعلامي، وكاميرا علياء وعينيها لا تتوقف عن اقتناص تفاصيل اللقاء الذي جاء بسيطاً وحميماً كلقاء أب بأبنائه.. يحدثهم من القلب، ويستمع لأمانيهم وتطلعاتهم موجهاً إياهم حيناً ومصفقاً لإرادتهم وعزيمتهم للنجاح والفلاح أحياناً أخرى.. مؤكداً: «التواصل الدائم مع الناس.. والاستماع لهم وازالة الحواجز والفواصل معهم هو أهم ما يميز القائد الناجح والإعلامي الناجح أيضا» وأضاف بعد الاستماع لقصة علياء ومشوار إعداد الفيلم « التواصل معي لا يحتاج إلى تفكير أو تخطيط.. فأنا موجود بين الناس دائماً» قبل أن يخلع «البروش» الذي كان يرتديه والذي يرمز لعلامته الشهيرة «فوز، نصر، حب» ويهديه اياها مثمناً جهودها ومقدراً شجاعتها.
يقال بأن ثمة مذاقاً خاصاً للأشياء التي تأتي متأخرة.. ففي داخلها طاقة تفاؤل ووقود للعزيمة والتصميم.. فكيف إن أتت نسماتها ببشائر لقاء قائد عربي هزم المستحيل وصنع الواقع وأنتج معجزة الرمال «دبي» عبر استقطاب المواهب والكفاءات العربية وضمها تحت لواء المشروع الإنساني الكبير الذي لا يفرق بين لون أو عرق أو معتقد بل يحتفي بإعجاز الرأس المال البشري.. بيده وقلبه وعقله.. بصفته الاستثمار الذي لا يخسر ورأس المال الذي لا يبور.. شكراً محمد بن راشد على طاقة الإلهام التي تدفع بها الشباب العربي باستمرار.. وسلمت يدا علياء وفريقها على إعادة إقناعنا أن الصحافة والإعلام ليست رحلة للبحث عن الحقيقة فحسب، بل مشوار لإيجاد الطموح وغرس الأمل. فهذه هي النماذج التي تنتجها كلية إعلام تحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.
سألت علياء.. لماذا تحلمين بلقاء الشيخ محمد بن راشد؟ أجابت: لأنه من علمني أن أحلم!