سمر المقرن
بما أننا ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، ونتنقّل بين دولها بواسطة بطاقة الهوية وليس جواز السفر، مثلها تمامًا السفر إلى بقية مناطق المملكة، فلماذا لا يتم رفع المنع عن المرأة «السعودية» المسافرة لهذه الدول من ضرورة موافقة ولي الأمر، ويتم التعامل وكأنها مسافرة إلى داخل المملكة؟!.
بصدق، تطلعاتي ليست بعيدة المنال، ولم أطلب أن يتم رفع المنع عنها بالكامل والتعامل معها في هذه القضية من باب كمال الأهلية، لأن جهاز الكيبورد قد ملّ من كثرة ما كتبت عن هذا الموضوع، لكنني اليوم آتي بفكرة جديدة ومتواضعة وليست بعيدة عن أن تتحقق، بحكم أن السفر إلى دول مجلس التعاون الخليجي يعتبر قريب جدًا ولا يختلف عن السفر إلى جدة أو الدمام وغيرهما من مدن المملكة.
موجع جدًا وضع المرأة أمام كاونتر الجوازات عند الخروج من الصالة الدولية، خصوصًا في ظل التعطل المتكرر لنظام (أبشر) وفقدانه -بعض- المرات لتصريح ولي أمرها، مما يترتب عليه إيقافها ومنعها من السفر كقاصر عليه أن يوقف!
موجع جدًا أن ترى المرأة السعودية شقيقاتها من نساء دول مجلس التعاون الخليجي وهنّ يسافرن دون شرط موافقة ولي الأمر، يسافرن مثلهنّ مثل أي إنسان طبيعي غير مشكوك فيه، وهي تقف في مرتبة أقل وأضعف، بعد أن وصلت إلى أعلى مستويات صنع القرار، فحتى وهي تصنع قراراً في البلد ليس بيدها أن تصنع قراراً يخصها في مسألة السفر لأنها بالنهاية قاصر ويجب أن تلتزم كما هو معنى هذا القانون بحق كل امرأة سعودية!.
لم أعد أتقبل جملاً مثل: (المجتمع غير مؤهل) أو (المجتمع لا يتقبل) فبعد الانتخابات البلدية وفوز 21 امرأة بمقاعد المجالس وأكثر الأصوات التي ساندتهنّ هي أصوات رجالية، هذا دليل واضح على أن المجتمع يثق بالمرأة لذا فإن قرارات منعها من السفر إلا بمحرم لم تعد مجدية. ولنكون أكثر صراحة وواقعية فإن القوانين هي التي لا تثق بالمرأة، فما هو معنى قانون منعها من السفر إلا بموافقة ولي أمرها؟..
هذا تصريح قانوني بأن المرأة غير موثوق بها، وهذا القانون وغيره من القوانين بحق المرأة لم يضعها المجتمع، بل وضعها المشرّع الذي يعتقد بضرورة حماية المرأة من نفسها، والتعامل معها كقاصر يجب أن يحاط بالرعاية الذكورية!.
أتصوّر أننا وصلنا إلى مرحلة تحتاج منّا إلى غربلة هذه القوانين، وإيجاد بدائل تتعامل مع المرأة من منظور كمال الأهلية، مثلها مثل أي مواطن.
التمييز القانوني ضد المرأة موجع، ومليء بالعنصرية التي نحتاج إلى تعديلها، فالعنصرية ليست ضد الأسود فقط، بل هي ضد أي إنسان يُعامل معاملة أقل من المواطن العادي بسبب جنسه أو لونه أو عرقه، مع أنه لا يوجد أي قانون ضد هذه الفئات ما عدا المرأة.. والسؤال: إلى متى؟!.