سمر المقرن
أعتقد بأن المعلومات المغلوطة التي ينقلها الإعلام الغربي عن المملكة العربية السعودية، وبعيدًا عن نظرية المؤامرة، سببها هو الصورة غير المكتملة لديهم عنّا. ومع كل المحاولات من استقبال وفود إعلامية غربية وأفراد وجهات مختلفة، مع ذلك، ما زال الإعلام الغربي ينقل صورة مغايرة للواقع -أحيانًا- ومن وجهة نظري أن السبب يعود إلى ضعف التواصل من ناحيتنا، وتقصيرنا في نقل الصورة الحقيقية بجوانبها الإيجابية والسلبية. وهذا يعني أن نعيد التفكير والتخطيط في طرقنا غير الناجحة، هذا بالإضافة إلى بعض المحاولات التي تخرج تحت مسمى (تحسين صورة المملكة) وهي بكل صدق لم تنجح!
ولنكن منطقيين فإننا لم ننجح في إخراج صورتنا الحقيقية للعالم العربي، فكيف إذن مع العالم الخارجي؟ ولأكون واضحة أكثر فأنا وغيري من الكتاب والمثقفين نعتبر أهم سفراء لدولنا في الخارج، ما زلت في بعض الدول العربية أواجه نظرات التعجب لكوني امرأة سعودية مثقفة، ولديهم اعتقاد أننا كنساء مقهورات ومقموعات، أقول هذا على مستوى بعض الدول العربية القريبة فكيف بدول العالم الغربي؟!
أظن أننا بحاجة إلى تغيير كل البرامج والخطط، والابتعاد عن عملية افتعال تحسين الصورة، فهذه الفكرة بحد ذاتها «مصطنعة» وتشبه تمامًا ذلك الشخص الذي يفتعل التصرفات أمام ضيوفه ويختلف كليًا مع أهل بيته، علينا أولاً ألا نهتم بهم أكثر من اللازم، ونظهر بصورتنا الطبيعية، وذلك بإيجاد قوانين مدنية تلجم كل الفوهات التي ينطلق من خلالها الإعلام الغربي، فأظن أن البرامج المفتعلة والأموال الطائلة التي صرفت في سنوات لم تنجح في تعديل الصورة كما نجح دخول المرأة إلى الانتخابات البلدية، بحكم متابعتي لبعض وسائل الإعلام الغربي وجدتها انقلبت رأسًا على عقب في الإشارة لهذه النقلة الحضارية. هذا ما أريد أن أقوله، أن القوانين المحلية هي التي تصنع الفرق فلسنا بحاجة إعلاميين غربيين يكونون بصفنا ولا لجان تحسين صورة، كل ما نحتاجه أنظمة تغير الداخل ونظرتنا لأنفسنا قبل نظرة الخارج، مثل نظام التحرش الذي وقف في وجهه بعض المتشددين، تخيلوا هذا النظام لو صدر كيف ستكون أصداؤه؟!
أيضًا السفارات والملحقيات والممثليات في الخارج يقع عليها دور ثقافي كبير، وأتذكر تجربة السفارة السعودية في فرنسا قبل أربع سنوات عندما جمعت وفودًا ثقافية سعودية بمثقفين عرب وفرنسيين، أحدثت هذه التجربة تغييرًا كبيرًا، ومهم تعميمها على جميع سفاراتنا لأنها كانت اجتهادًا فرديًا من سفيرنا بفرنسا.
كل البرامج والخطط مع الإعلام الغربي مهم أن تتغير، وأن نغير أنفسنا أولاً، ونبتعد عن مصطلح (تحسين الصورة) لأنه اعتراف بأن صورتنا سيئة، وهذا غير صحيح، إنما هو القصور في إيصال الصورة الحقيقية،كما هو الحال مع المنظمات الحقوقية التي يؤمن -بعضهم- بتآمرها علينا، مع أنها في الواقع هي تنقل الصورة المغلوطة التي تصلها من بعض المرجفين، بسبب أننا لم نوفر لهم معلومات صحيحة عبر أشخاص قادرين على نقلها!