جاسر عبدالعزيز الجاسر
مشعان الجبوري، سياسي عراقي من جماعة «السياسيون العراقيون» الذي أفرزهم وأوجدهم الاحتلال الأمريكي، فهذا السياسي الذي وصل إلى البرلمان العراقي، عرف في مدينة الموصل المدينة التي ترعرع فيها بأنه أحد حراس صدام حسين حينما يحضر إلى الموصل، بل يقولون إنه وبوصفه ينتمي إلى قبيلة الجبور العربية القوية الشكيمة كان الرئيس العراقي الذي لا يثق بأحد بما فيهم «رفاقه في الحزب» كان يحرص على النوم في منزل الجبوري.
وبما أن مشعان الجبوري «بلطجي سياسي» فقد أوجد له المحتلون الأمريكيون وظيفة اخترعوها من ضمن ما اخترعوه لعملائهم في العراق، فعُيّن بوظيفة مقاول حماية لأنابيب النفط التي تمر عبر محافظة نينوى، وبعد اكتشاف اختلاسه لأموال كانت تحت إدارته هرب إلى سوريا, حيث احتُضِن من قِبل النظام السوري، وظل في سوريا يقدم خدماته لكل من يدفع بشرط أن تكون من صنف الدولارات الخضراء، فكان تابعاً مخلصاً لبشار الأسد، وقبل اندلاع الثورة في ليبيا، فتح خط تواصل مع معمر القذافي, حيث كان يبث خطابات ورسائل القذافي مباشرة على شاشة محطته الفضائية التي أنشأها في سوريا بزعم خدمة المعارضة العراقية فأجّرها لكل من يريد خدمة إعلامية ومنهم الأسد والقذافي ومن ثم نوري المالكي الذي كافأه بوضعه على قائمة «دولة القانون» ليحصل على عضوية البرلمان العراقي ضمن كتلة نوري المالكي.
مشعان الجبوري المثير للجدل، نقل الجدل من حوله إلى البرلمان، وأظهر أن من يحكمون العراق هم على شاكلته، فباعترافه في آخر المقابلات التلفزيونية التي أجريت له مع إحدى المحطات التلفزيونية العراقية التي تتبع إحدى الأحزاب الطائفية العراقية، وقد كشف الجبوري عن الكثير من قضايا الفساد والرشوة متهماً جميع السياسيين العراقيين بما فيهم نفسه من تلقي الرشاوي وارتكاب العديد من عمليات الفساد. مؤكداً بأنّ تقبّل الرشاوي وارتكاب عمليات الفساد التي تضر بمصالح الوطن والمواطنين، لم تعد لدى السياسيين العراقيين عيباً أو جرماً بل إن البعض يتفاخر بارتكابها بين أفراد أسرته وأصدقائه.
أكثر من ذلك كشف مشعان الجبوري في تلك المقابلة التلفزيونية بأن هناك العديد من المخالفات والرشاوي والسرقات وأن المال العام العراقي مباح من الطبقة السياسية، مؤكداً بأن الجميع ملوث كما أن المافيات السياسية وعبر مليشياتها المسلحة تمارس إرهاباً على كل من يفكر بكشف التجاوزات المرتكبة سواء على صعيد الرشاوي التي تقدم لمن يمسكون بالسلطة أو يديرون المليشيات الطائفية أو يرأسون الأحزاب السياسية، وأن هذه المافيا السياسية الإرهابية لا تسمح لأي عراقي أن يكشف أي انحراف مدللاً على تأكيداته هذه بأنه جرى خطف عدد من العراقيين الذين تظاهروا في الساحات العراقية ولم يظهروا بعد ذلك، وهو يخشى أن يكون قد تم تصفيتهم لإرهاب كل من يفكر بالحديث أو الاحتجاج على ما يجري في العراق.
العراقيون الذين استمعوا إلى أقوال مشعان الجبوري اعتبروا ذلك بمثابة شهادة فاسد سياسي يعد واحداً من رموز كتلة سياسية هي الأكثر عدداً وتمثيلاً في البرلمان العراقي، مما جعلهم ييأسون من أي إصلاح سياسي في العراق طالما من مثل شاكلة مشعان الجبوري هم من يشغلون مقاعد البرلمان العراقي الذي يفترض أن يراقب أداء الأجهزة التنفيذية ويشرع القوانين لإصلاح المسار السياسي في العراق.