جاسر عبدالعزيز الجاسر
بدأت الكثير من الدول الإسلامية تكتشف الدور الخفي الذي تمارسه الملحقيات الثقافية في سفارات نظام ملالي إيران، فبعد اكتشاف السودان لما تقوم به الملحقية الثقافية الإيرانية في الخرطوم والمكاتب التابعة لها في الولايات بنشر التشيع الصفوي، الذي يركز على الولاء لنهج ولاية الفقيه، وتمجيد العنصر الفارسي، والإساءة والتشكيك بالرموز الإسلامية العربية من الصحابة ورواة الحديث، مما دفع الحكومة السودانية إلى إغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية والمكاتب التابعة لها.
تلك الأنشطة للملحقيات الثقافية لنظام ملالي إيران نبهت الدول الإسلامية جميعاً، وكشفت عن الأدوار الخبيثة لتلك الملحقيات البعيدة عن مهامها، وقد كشفت ما تم في السودان وتحرك الحكومة السودانية للدول الإسلامية وبالذات العربية منها خطورة هذا النهج، وقد ذكرت الأنباء الواردة من الجزائر أن العديد من الفعاليات الفكرية والثقافية والاجتماعية تحركت نحو الحكومة الجزائرية لوضع حدٍ للتجاوزات التي تقوم بها الملحقيات الثقافية الإيرانية، وقيامها بحملات تشيع وفق النهج الصفوي، إذ تنقل صحيفة الوطن بأن الملحق الثقافي الإيراني في الجزائر أمير موسوي يقود ويشرف على تنظيم حملات التشيع الصفوي، ولهذا فإن أطياف المجتمع الجزائري تطالب وبإلحاج على طرد هذا الملحق الذي انغمس في ترويج أنشطة طائفية تتناقض مع مهامه الدبلوماسية، وتؤسس لفتنة طائفية في بلد يتبع مذهباً واحداً. وقد تمخضت عن تلك المطالبات حملة وطنية جزائرية يقودها الكاتب الحقوقي أنور مالك، الذي كشف بأن الملحق الثقافي التابع لنظام ملالي إيران يتولى تنظيم رحلات لأتباع المذهب الصفوي الذين تورطوا بالانضمام إلى هذا المذهب المستحدث في الجزائر إلى طهران وقم، وأن هذه الوفود الجزائرية التي أُغريت بالدعوات المجانية والتي تشمل توفير تذاكر طيران وإقامة في الفنادق الفاخرة في إيران، التقت في طهران وقم في مراكز خاصة لعناصر المخابرات الإيرانية «اطلاعات» ومدربين خاصين من الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى مرشدين طائفيين وشخصيات توجيهية في حوزة قم، بهدف صنع لوبي صفوي إيراني في الجزائر ومده بكل وسائل الدعم المادي واللوجستي لنشر المذهب الصفوي الفارسي في الجزائر، مما يهدد الجزائر بفتنة طائفية تهدد الأمن الجزائري بمثل ما كان يتهدد السودان من تزايد الأنشطة الطائفية للملحقيات الثقافية الإيرانية، وهو ما دفع الخرطوم للتحرك والقضاء على الفتنة في مهدها، والتي ظهرت بوادرها في العديد من الدول العربية، إضافة إلى الجزائر التي أصبحت تجنيد الجزائريين وترغيبهم بالمذهب الصفوي من خلال عروض الإغراء ظاهرة واضحة أخذت أطياف المجتمع الجزائري ترصدها وتحذر منها.
هذه الظاهرة لم تعد مقصورة على الجزائر وقبلها السودان، إذ أخذ المجتمع المصري يلمس نشاطاً لما يسمونهم بالمتحولين الصفويين الشيعة، فبعد تزايد دعوة بعض الشخصيات المصرية من الذين يستجيبون لإغراءات مكتب العلاقات الإيرانية في مصر، والذين وُفرت لهم رحلات مجانية وإقامة فندقية بذخة في إيران ليعودوا إلى بلادهم لنشر هذا المذهب المنحرف، وقد شملت تلك الدعوات أحد رموز الصوفيين، وأحد المتسلقين بعمامة ورداء الأزهر الذي يطلقون عليه في مصر «الشيخ ميزو» وأحد قادة الإخوان السابقين، والذين ما أن عادوا إلى مصر حتى تحولوا إلى دعاة للمذهب الصفوي الفارسي، وفق مخطط مدروس وموزع على خارطة الدول العربية والإسلامية.