د. عبدالواحد الحميد
يبدو أنّ هناك اقتناعاً راسخاً لدى كل «من يعنيه الأمر»، أنّ أي تنظيم تصدره الدولة وتُحدد تاريخاً معيناً لِبَدْء تنفيذه، سوف يكون له تمديد وأنّ العقوبات التي ينص عليها أي تنظيم لن تجد طريقها إلى التطبيق قبل أن تمر بسلسلة من التمديدات، وربما لن تطبق أبداً!!
و«من يعنيه الأمر» هذه المرة هي محطات الوقود. فقد أوردت صحيفة المدينة مؤخراً إحصائية جاء فيها، أنّ سبعين بالمائة من محطات الوقود في مختلف مناطق المملكة «لم تستطع تطبيق المعايير التأهيلية الجديدة وفق تصنيف وزارة الشؤون البلدية، بالرغم من مرور سنتين على المهلة التي تنتهي منتصف الشهر المقبل (ربيع الآخر)..». هذه المعايير والضوابط تُلزم المحطات بتوفير خدمات مجانية مثل تعبئة الهواء وتوفير الماء ودورات المياه النظيفة ومحلات التموينات وغيرها.
ومعروف أنّ التصنيف يتضمن عدة فئات من محطات الوقود. لكن هناك فئة لابد من الالتفات إليها بأسرع وقت وبأقصى درجة من الحزم، وهي محطات الوقود على الطرق الطويلة.
إنّ أي إنسان جرَّب أن يستخدم مرافق هذه المحطات التي توجد على امتداد الطرق بين مدن ومحافظات ومراكز وقرى المملكة، يعرف أنّ بعضها لا يرتقي إلى أدنى درجة من القبول، وأنها مخجلة ولا تليق ببلادنا لأنها تعطي أسوأ انطباع لأي أجنبي يُقَدّر له أن يستخدمها.
بعض المحطات التي تكسب الأموال الطائلة، يبخل ملاّكها بالقليل من النقود لتوفير الحد الأدنى من مستوى الخدمة اللائق بالإنسان في أي مكان، فكيف بالإنسان السعودي أو المقيم بالسعودية الذي يرى ما حققته بلادنا، وبخاصة في مستوى التقدم المادي الذي توفره السيولة المالية، بصرف النظر عن مستوى الوعي الاجتماعي.
وبالرغم من الملاحقة الدائمة من قِبَل وسائل الإعلام ومتابعتها للمستوى المتدني لمرافق معظم هذه المحطات، فإن أصحابها لم يحركوا ساكناً، لأنّ همهم الوحيد هو تحقيق أقصى ربح ممكن وبأي وسيلة وبأسرع وقت. وبالطبع لا غبار على سعي المستثمرين إلى تحقيق الأرباح، فالأرباح هي الحافز الذي يدفع المستثمر إلى إقامة المشروعات، لكن تحقيق الأرباح لا يعني بالضرورة الاستهانة بالناس وتجاهل مستوى الخدمة المقدمة، لهم لمجرد أنّ المسافرين على الطريق قد لا تكون لديهم بدائل كثيرة، فيضطرون إلى التعامل مع أي محطة وقود يصادفونها.
محطات الوقود والأجهزة المعنية بالدولة في حالة رهان؛ والسؤال هو: تُرى من سيكسب الرهان!!؟؟