د. عبدالواحد الحميد
من الممارسات التي كان يجب القضاء عليها منذ زمن طويل ما يقوم به البعض من تعديات على الشوارع، وذلك بإغلاقها أو بإعاقة الحركة فيها وذلك بقرارات مزاجية فردية. وقد تبلغ الجرأة بالبعض أن يستولي بالكامل على مساحات من الشوارع ويضيفها إلى منزله أو أملاكه الخاصة؛ وهذا البعض يستقوي بمن يعتقد أنهم أصحاب مراكز نفوذ أو يوهم الآخرين بأنه مدعوم من أشخاص ذوي نفوذ.
لهذا السبب نجد أن بعض الشوارع في مدننا السعودية تضيق ثم تتسع ثم تضيق ثانية عبر امتدادات غير نظامية، لأن بعض «الواصلين» يعتقد أن من حقه أن يفعل ذلك طالما هو قادر على ذلك.
ومن غرائب ما نلاحظه في شوارع بعض مدننا أن بعض هذه الشوارع ينتهي فجأة دون مبرر فني أو عملي، وكأنما هو قد أصيب بسكتة قلبية قضت عليه فجأة.
هذا حدث كثيراً في الماضي، ونرجو ألا يحدث في المستقبل.
ومما أوردته الصحف ما نشرته جريدة عكاظ منذ أكثر من أسبوعين، من أن أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل قد وجّه خطاباً عاجلاً إلى محافظة جدة وأمانتها، يأمر فيه بتشكيل لجنة لرصد التعديات على الشوارع والرفع إلى الإمارة عما يتم إنجازه بالتفصيل، والإجراءات التي يتم اتخاذها وذلك خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً.
الآن وقد أشرفت الثلاثون يوماً على الانتهاء، فإن المواطن يترقب ما سوف يتضمنه التقرير الذي سيُرفع إلى الأمير من محافظة وأمانة جدة من تفاصيل عن التعديات على الشوارع وما تم اتخاذه من إجراءات.
ففي الواقع، سكان جدة يعرفون هذه التعديات، وهي كثيراً ما تكون حديث المجالس لأنها ظاهرة للعيان ولا تخفى على أحد، بل إن بعض من كانوا يمارسون التعديات لا يُخْفُون ممارساتهم ويتحدثون عنها في مجالسهم إلى أصدقائهم وخاصتهم كـ»برستيج» يضعهم في درجة عالية من السلَّم الاجتماعي.
إذا نجحت تجربة جدة، والمأمول والمتوقع بالطبع أن تنجح، فسوف يتعدى أثرها محافظة جدة.
فمثلما أن هناك أشخاصاً في المحافظة يعطون لأنفسهم الحق في أن يعتدوا على الأملاك العامة، هناك من يفعل نفس الشيء في مدن ومحافظات وقرى أخرى في جميع أنحاء المملكة.
نتمنى أن تظهر نتائج التقرير الذي سترفعه محافظة وأمانة جدة في موعده المحدد، فذلك هو ما سوف يعطي هذه الخطوة المشكورة من أمارة مكة المكرمة الأهمية البالغة على مستوى الوطن، ويجعل مصداقيتها نموذجاً يحتذى وبمثابة إعلان صارخ وبأعلى صوت: لا للتعديات..!!