زكية إبراهيم الحجي
من إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي الجميلة أنها كشفت معادن الناس.. بعضهم أجمل مما كنا نظن.. وبعضهم خاب فيهم الظن، بعد أن سقطت أقنعتهم الملونة زيفاً وبهتاناً، وظهرت خبايا نفوسهم التي كنا نحسبها نقية متلألئة باطنها كما هو ظاهرها.. والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
اسمحوا لي أن أطرح سؤالاً مختصراً وموجهاً للرجل، دون النظر إلى مستواه الاجتماعي أو الثقافي أو التعليمي.. ترى بأي معيار تقيس نظرتك للمرأة.. المرأة الأم الأخت الزوجة والابنة.. الابنة التي طالما افتخرتْ ولا زالت تفتخر بقول «كل فتاة بأبيها معجبة»؟.
سؤال مفتوح وإجابات متفاوتة ويبقى المعيار متذبذباً في قياس النظرة، وهذا بحد ذاته أمر طبيعي إذا ما أخذنا في الاعتبار العادات والتقاليد وظروف البيئة المحيطة حسب كل منطقة من المناطق.. ولكن عندما يصل معيار قياس نظرة رجل ما للمرأة بشكل عام إلى درجة الصفر أي مرحلة النظرة الدونية، فهذا هو الجور والخزي الذي يخدش كرامة المرأة.. ويقتل فيها شعور الانتماء لأسرتها.. فما بالنا إذا كانت هذه المرأة هي الابنة.. كيف سيكون شعورها عندما تجد المحيطين بها من أفراد أسرتها ينظرون إليها نظرة احتقار وازدراء، بل الأدهى والأمر على نفسها أنها باتت عبئاً ثقيلاً يصل إلى درجة الهمِّ والعار عند أبيها.. جاء في بعض أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - فيما معناه: «من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها» أي الذكور، «أدخله الله الجنة»، رواه أبو داود.
ولأني أؤمن يقيناً بأنه لا يخلو أي مجتمع من المجتمعات من حالات استثنائية سلبية.. سأتجاهل وأغفل رغم المرارة عن كل حوار دار أو مشهد عُرض في وسائل التواصل
الاجتماعي سواء في الأيَّام القليلة الماضية أو حتى من تراكمات سابقة، وقام بها البعض القليل من ذوي الفكر والعلم والدين والثقافة تجاه المرأة، واصفين إياها بأبشع
الأوصاف التي كانت سائدة في الجاهلية وأنكرها الإسلام.. بل إن الإسلام كرّم شقائق الرجال.. ومنحها المكانة اللائقة بها وساوى بينها وبين الرجل في الكرامة الإِنسانية، ومنحها حرية القرار بقبول أو رفض من يتقدم لخطبتها والزواج منها.
الخلاصة أن الإسلام أرسى قاعدة مكينة لمكانة المرأة فليتنا نعي ذلك، ونقتلع جذور النظرة الدونية المقيتة تجاه المرأة، ونحتفي ببناتنا ونكرمهن ونرسخ لديهن شعور الأمان ونحيطهن بسياج المحبة والرحمة.