سامى اليوسف
الخطيئة هي الأفعال والتصرفات التي تنتهك القواعد الشرعية، والأخلاقية، والقوانين العامة. والخبيئة هي عبادة السر، وطاعة الخفاء، وهي من سمات الصالحين، فهي عمل صالح مفعم بالإخلاص ومشبع بالصدق.
يراودني بين الفينة والأخرى سؤال مفاده: ماذا قدم نجومنا، ومشاهير وسطنا الرياضي لمجتمعهم من جهة، ولآخرتهم من جهة أخرى؟. يقول الله تعالى: { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [البقرة: 271].
ويتكرر هذا السؤال بإلحاح كلما قرأت عن مواقف إنسانية لأندية عالمية، ونجوم مشاهير في عالم الرياضة وكرة القدم تجاه مجتمعاتهم، وقضاياهم الإنسانية، وحتى تجاه قضايا تمس الضمير العربي المسلم.
جاء الاحتراف بعقوده المليونية، وأسعار انتقالاته الخرافية، لينقل لاعبين، ومعهم أسرهم من حد الفقر إلى الغنى، وبعضهم من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة المخملية. بل إن اللاعب الذي كان يبحث عن أجرة «الليموزين» الذي ينقله من البيت إلى النادي، صار يمتلك سيارة فارهة لم يحلم بها يوماً من الأيام.
هذه النقلة السريعة في حياة اللاعب وأسرته الاقتصادية لم يستوعبها البعض، فأساء استخدام المال والشهرة، ووقع في فخ «الخطيئة»، وساءت سمعته. يتناسى بعض نجومنا أنّ النعمة للبعض تكون ابتلاءً ، وكذلك يتناسى أنّ حياة اللاعب تكاد تكون قصيرة في الملاعب إن سلم من شر الإصابات، فما بالكم إذا أُبتلي بها!
في حين يرتفع وعي وحس المسؤولية الاجتماعية الفاعلة، والمواقف المادية المحسوسة لدى مشاهير الغرب، يقل في مجتمعاتنا العربية هذا الوعي إلى أدنى مستوياته إلاّ من مواقف محدودة، وتكاد تكون سطحية دون أثر عميق يذكر، لا تتعدى هذه المواقف «فلاشات» المصورين .. واستثني هنا تميز وتفرد نادي الهلال كمنشأة رياضية تمارس دورها الاجتماعي بريادية لا مثيل لها في الشرق الأوسط وآسيا برمتها، وشهد لها القاصي والداني.
الموت هادم اللذات، وهو حق، وهو سنّة تجري على العباد يتخطانا إلى غيرنا، ولا نعرف متى يتخطى غيرنا إلينا؟، وعند وقوعه، فإنّ عمل ابن آدم، وصلته بالدنيا تنقطع إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، وعلم نافع، وابن صالح يدعو له. الدعاء والصدقات والأعمال الحسنة من القربات التي لا ينقطع أثرها. ومن ضمن هذه الأعمال الصالحة والحسنة تبرز «الخبيئة» كواحدة تسر الميت بعد وفاته، وكذلك تعزز مشاعر الطمأنينة لدى أهله عند علمهم بها بعد قبر ميتهم.
ومن أبرز أشكال هذه «الخبيئة» بخلاف صلاة الليل والصيام والذِّكر والدعاء: صدقات السر، وقضاء الحوائج للضعفاء والأرامل والأيتام والمساكين، أو قضاء الديون عن الغارمين والعاجزين والمكروبين، وليبدأ الإنسان بمن هو أقرب إليه في محيط أسرته، ثم مجتمعه، وهكذا.
آثرت التطرق إلى هذا الموضوع المهم من باب « فذكِّر « لنفسي، ولإخواني مسؤولي الأندية، ونجوم الرياضة وكرة القدم السعودية البارزين، والمشاهير من ذوي العقود المالية الباهظة الثمن .
وأختم ما تقدم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: [مَنِ استطاعَ منكم أنْ يكونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عمَلٍ صالِحٍ فلْيَفْعَلْ] ( صحيح الجامع ) أي عمل صالح مخبوء لا يطلع عليه أحد إلا الله.
أخيـراً ،،،
أتقدم بجزيل الشكر والامتنان والتقدير والعرفان لكل من قدم لنا العزاء والمواساة الصادقة في وفاة العم الغالي « محمد اليوسف»، رحمه الله، سواء هاتفياً ، أو حضورياً ، وحتى عبر وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي .. نسأل الله تعالى أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.