فهد بن جليد
مؤخراً اطلعت على تقرير خليجي يتحدث عن معاناة (الشعر السوداني) من العزلة الجماهيرية، نتيجة ضعف في الانتشار لصعوبة (اللهجة السودانية)، وغياب الترويج والتسويق، وعدم اهتمام الإعلام، وتكاسل المبدع السوداني وعزوفه عن الشهرة!.
ولأني لا أتفق مع مجمل هذه المبررات، فإني أنصح الشعراء السودانيين بمحاولة الترويج لقصائدهم عن طريق (الشيلات)، وما أدراك (ما الشيلات)؟ فقد أحدثت في المجتمع الخليجي ما أحدثته من (تعلّق)، حتى بات مبتعثونا الذين يدرسون الطب والهندسة في أمريكا وأوروبا يرددون القصائد والأشعار، ويرقصون (القزّوعي) جماعات وفرادى؟!.
السودانيون مبدعون في الشعر العربي الفصيح، ولا يشق لهم غبار في فصاحة اللغة، بدليل أن معظم مُصححي الصُحف العربية والخليجية من الصحفيين السودانيين، ولكن ماذا عن الشعر باللغة الدارجة أو (النبطية)؟!.
برأيي لا شيء ينقص القصيدة السودانية حتى تشتهر؟ ففيها الوزن والقافية، والمعنى الجزل، السودانيون أجادوا في الغزل، والمدح والهجاء، وسطروا أبياتاً في حب الوطن، والماء والخضرة والوجه الحسن، لا فرق بين ما يردده (مهنا ورفاقه) من شيلات للتغزل في سيارة (جيب قيمته قيمة عمارة)، وبين الغزل العذري الذي ردده الزول على مسامع معشوقته (يا حلوه يا بت يا هندسة.. أنا في هواك بقيت فتات ودخلت عشرين مدرسة.. في كلمات هواك بعبكي قاعد أتنفسا.. يا بت يا هندسة) على الأقل هذا الأخير يدعو للتعلم من أجل التقارب الثقافي بينه وبين من يحب؟!.
مؤخراً (سمعت) شيلة تتطاير كلماتها من (نافذة) سيارة فارهة يقودها (شاب مودرن) في أحد أشهر شوارع الرياض، تجلب الصداع، وتصيب بالدوار مع كثرة تحويلات (المترو)، ولكن لأن كاتبها دفع لمنشدها، وجدت نفسي مُضطر إلى سماعها، اعتقد أنه لا فرق بين المنشد والمطرب، لذا لو كنت مُنشداً لتوجهت للقصائد العربية النبطية، وجعلت منها (شيلات مميزة) على طريقة الجسمي (اللمّه دي لمّة رجال)، على الأقل نكتشف الهياط الموجود لدى الأشقاء العرب الذين يقولون (فقارى ولكن غنايا، غنايا بهذا الغمام)؟!.
سؤال بريء لماذا هذا (الصمت الرقابي) من وزارة الثقافة والإعلام على ما تحويه (مئات الشيلات) المُثيرة والعجيبة ؟ فهي تفرّق أكثر مما تجمّع، على رأي الشاعر السوداني (زمن نافر.. مقبل غادي)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.