فاطمة العتيبي
ابتعثني وطني لأمريكا وسمو الأمير خالد الفيصل - وزيراً للتعليم -، وذلك لأنخرط في دورة تدريبية تطويرية في اللغة الإنجليزية مدتها سنة، ضمن برنامج تطوير قيادات العمل التعليمي الذي تنهجه وزارة التعليم وتتيحه لوائح التدريب في وزارة الخدمة المدنية لكثير من الرجال وقليل من النساء.
ثم عدت لأرض المملكة ومعالي الدكتور أحمد العيسى وزيراً للتعليم، وكنت أتابع حراك معالي الدكتور عزام الدخيل من خلال وسائل الإعلام، والذي بدا لي أن مرحلته كانت تأسيساً لوزارة واحدة تجمع وزارتين عتيدتين، وقد سخر جهده لأمرين مهمين - إضافة لعمله الحثيث في التأسيس للدمج - وهما:
- المحافظة على استقرار البيت التعليمي كأحد أهم بيوتات الوطن. من خلال الاقتراب من الناس واحتواء مشكلاتهم و(ضحكة الحجاج) عند استقبالهم ووعدهم خيراً حسب القدرة، ونحن شعب طيب ينسى آلامه مع الكلمة الطيبة.
خاصة أن معالي د. عزام أبعد من كانوا يلوذون بالهرب/ عن المعلمين / عبر أبواب سرية وضعوها في مكاتبهم الفاخرة!
- التركيز على استعادة الهوية التي شابها ما شابها بفعل العولمة والارتجال والتسرع في فتح الباب على مصراعيه للتعليم الأجنبي. مما أكسب معالي الوزير السابق شعبية عالية فالشعوب متعلقة بهوياتها الصغرى والكبرى، والقوانين العادلة هي التي تجعل من هذه المشاعر في مدارها الصحيح، لأنّ وأدها يولد انفجاراً مباغتاً.
أذكر أنني قلت لمسؤول تعليم في الصين التقيته في زيارة رسمية لبلادهم: تقدمتم وحافظتم على هويتكم من التمييع. هذا مثار إعجابي في حضارتكم.
هُوية الأجيال مثل خريطة الجينات خط أحمر لا يجوز المساس به.
وأشهد في هذا السياق أنّ لسمو الأمير خالد الفيصل إبان إمارته لمكة ووزارته للتعليم، صولات وجولات لكبح تهور التعليم الأجنبي الذي لا يلتزم بتدريس مواد الهوية الوطنية، وذلك من خلال مسح ميداني قمت به لتلك المدارس ووجدت ملفاتهم ملأى بإنذارات وعقوبات ولغة شديدة بتعقب كل مقصر. في فترة التوسع غير المدروس في إلحاق السعوديين في مدارس السفارات الأجنبية، لقد وجدت أطفالاً سعوديين يتحدثون الإنجليزية والباكستانية، أو الإنجليزية والفلبينية أما العربية فقد غابت!
اليوم يتولى حقيبة المستقبل السعودي (وزارة التعليم) مفكر، مبشر بالتطوير.. منطلق من فلسفة عميقة تدرك أبعاد الهوية وأبعاد التطوير، وأهمية المعايير والمشاركة والاعتدال والوسطية والثقافة المجتمعية، هو معالي الدكتور أحمد العيسى، الذي لا أعرفه إلاّ من خلال كتابه (الذي درسته ضمن برنامج الدكتوراه في قسم الإدارة التربوية في جامعة الملك سعود)، وعرفته من خلال تطبيق ميداني على جامعة اليمامة في مقرر تحليل النظم الإدارية أجريته أنا وزميلة لي ضمن برنامج الدكتوراه، وتعرفنا من خلاله على البيئة العملية للجامعة وأسلوب إدارة مديرها (د. العيسى) لها.
ماذا لدى وزيرنا المفكر ليقدمه لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا.. هل سيغرق في تسيير العمل الروتيني ويغفل عن أنّ التاريخ يقول: ضع بصمتك لأذكرك، فما هي البصمة المميزة لهذه المرحلة الجديدة التي ستعلق في ذاكرة المؤرخين لتاريخ التعليم السعودي المعاصر .. الأيام حبلى ونحن متفائلون.
نسأل الله لجميع وزرائنا كل التوفيق وكل الشجاعة والجرأة في اتخاذ قرارات هامة ومؤثرة في التنمية، تجسيداً لطموح المواطنين وتحقيقاً لثقة سلمان الحزم فيهم، وتأمله خيراً بأن يكونوا امتداداً له في الحيوية والشمولية والرؤية البعيدة والديناميكية والمبادرة.
فقد أحدث في عام تحولات واتخذ قرارات جعلت المملكة دولة متجددة شابة قوية مهابة الجانب. وفق الله المخلصين دائماً وأبداً.