جاسر عبدالعزيز الجاسر
في واحدة من أكبر السقطات الوطنية والسياسية تغيّب تسعة نواب من مجلس الأمة الكويتي جميعهم من المكون الشيعي، وهم يعدون ممثلين للطائفة الشيعية في دولة الكويت، إذ تغيب النواب التميمي, والدويسان, وعبدالصمد، وآبل, ودشتي, ولاري, والصالح, وزلزلة, وعاشور، وذلك احتجاجاً على حكم المحكمة الكويتية العليا على الإرهابيين الذين خزّنوا متفجرات وذخائر وأسلحة في منطقة العبدلي القريبة من الحدود العراقية. ومع أن الحكم مرَّ بدرجات التقاضي التي تمارس في دولة الكويت، وأن الحكم تم بعد اعتراف الإرهابيين بتخزين أسلحة تكفي لتدمير أحياء ومناطق عدة في دولة الكويت, وأنها عبارة عن ترسانة من الذخائر والمتفجرات لا تستعملها إلا الدول، وأن قضاة المحكمة تأكدوا من الأدلة والقرائن التي جعلتهم يصدرون أحكامهم وهم مطمئنون، وأن النواب التسعة يفترض أنهم يمثلون كل أبناء دولة الكويت وتمثيلهم لا يقتصر على طائفة دون غيرها، إلا أنهم أقدموا على ذلك الفعل الذي أصاب جميع الكويتين ومنهم من أبناء الطائفة الشيعية بالذهول. فعدم مشاركة جميع النواب التسعة الذين هم مجموع النواب الشيعة في مجلس الأمة الكويتي يكشف بأنّ هناك تكتلاً طائفياً يهدد بخلق فتنة طائفية, ودولة الكويت بغنى عنها, وتظهر أن النواب التسعة يشككون في نزاهة القضاء الكويتي ويكرسون الموقف العدائي للنظام الإيراني وأذرعته الإرهابية في العراق التي تصاعدت أصواتها في رفض أحكام القضاء الكويتي، رافضين أن يحاكم أي من المتعاملين مع نظام ملالي إيران وكأنهم محصّنون من أي عقاب رغم خرقهم لقوانين البلدان التي يقيمون فيها.
موقف النواب التسعة أثار في دولة الكويت تساؤلات عن ولاء هؤلاء النواب ومن يؤيدونهم وهم والحمد لله قلة، فهل يقبل من أي مواطن وليس نائباً يمثل كل أبناء الوطن، أن يتبنى موقف نظام يظهر عداءً صريحاً للبلاد التي يمثل مواطنيها في مؤسسته الدستورية. ويرى المواطنون الكويتيون موقف هؤلاء النواب التسعة ليس بالغريب بل سقطة تتجاوز التخريب والفشل السياسي، بل عدوها سقطة وطنية وأخلاقية فكيف يقف مواطن يستشعر أهمية الوطن مع نظام يعادي وطنه، فما بالك بنائب يفترض أن يكون ممثلاً لجميع أبناء الوطن من كل طوائفه وشرائحه، ويعتقد العديد من الكويتيين بما فيهم مفكرون وكتاب بأن هؤلاء النواب ومن خلال أدائهم في جلسات مجلس الأمة الكويتي لم يتخلوا عن العباءة الطائفية, وهو ما انعكس على أداء البعض الآخر من النواب في المكون الآخر، مما انعكس سلباً على أداء مجلس الأمة الكويتي ويهدد بانتشار نار الطائفية إلى خارج المؤسسة الدستورية وهو ما يعمل إليه نظام ملالي إيران والجماعات الطائفية المرتبطة به، إذ هددت العراقية عن ائتلاف «دولة القانون» التابعة لنوري المالكي المعروف بتوجهاته الطائفية والمذهبية فردوس العوادي بأنّ استهداف الشيعة بما زعمته بمحاكمات وبحجج واهية خالية من الأدلة والقرائن، سيكون سبباً في تدمير استقرار دولة الكويت وينشر الفوضى وتخريب الأمن وتدمير الاستقرار مثلما يحصل في مملكة البحرين.
هذا القول اعتبره الكويتيون إشارة لأذرع نظام ملالي إيران في دولة الكويت للبدء في نشر الفوضى بدولة الكويت، وعدَّ كثير من المفكرين والسياسيين موقف النواب التسعة منسجماً مع توجهات نظام ملالي إيران باستهداف استقرار دولة الكويت.