جاسر عبدالعزيز الجاسر
ينحدر لبنان إلى الهاوية بسرعة سيارة فقدت قدرتها على التوقف بسبب عطل في مكابحها. فبعد موقف وزير خارجية (الممانعة) جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عُقد الأسبوع الماضي في القاهرة، والذي انفرد لبنان به بالخروج عن الإجماع العربي في رفض التدخلات الإيرانية وأذرعة نظام ملالي إيران الإرهابية، يُصدم اللبنانيون بالقرار الذي أصدره القضاء العسكري اللبناني بإطلاق سراح الوزير اللبناني ميشال سماحة بكفالة مقدارها مئة ألف دولار أمريكي، وكان سماحة قد حُكم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف السنة لتورطه في نقل متفجرات من سورية إلى لبنان لاستهداف تجمعات سياسية ودينية، وبالتحديد من علماء وأئمة مساجد سنية في طرابلس وشمال لبنان. وقد تسلَّم ميشال سماحة المتفجرات من اللواء السوري علي المملوك، وبعد القبض عليه اعترف بجريمته وصُدِّق على اعترافه، وبموجبه تم الحكم عليه، الذي اعتُرض عليه بفداحة الجرم وتخفيف العقاب. ومع هذا، وبعد مرور فترة بسيطة تم الإفراج عنه بكفالة، مما أثار غضب اللبنانيين، خصوصاً الحقوقيين والقضاة المدنيين الذين يرون في الحكم أولاً ثم الإفراج بكفالة ثانياً تشجيعاً للإرهاب، وكذلك تعامل القضاء العسكري مع شخص كادت أن تسبب جريمته وتعامله مع الأجهزة الإرهابية السورية في حصول كارثة أمنية وإنسانية في طرابلس وإشعال فتنة طائفية في بلد يعاني من محاولات تأجيج الفتنة واتساع دائرة الإرهاب.
موقف جبران باسيل الذي أكد خروج لبنان عن الإجماع العربي، وحادثة الإفراج عن ميشال سماحة يظهران أن لبنان عاد وبقوة لحضن محور طهران - دمشق من خلال ممثليهما ميشال عون وحسن نصرالله، اللذين يحددان توجهات لبنان الإقليمية والمحلية.
اللبنانيون في حيرة من أمرهم، فالدولة اللبنانية المختطفة من عملاء ملالي إيران ونظام بشار الأسد تعمل خارج منظومة العمل العربي والممارسات، وحتى القرارات داخل البلد تُتخذ ضد مصالح المواطنين اللبنانيين الذين أخذوا يتداولون مصطلح الإرهاب الحلال، ويعنون به كل العمليات الإرهابية التي يخططها الإيرانيون والسوريون وينفذها عملاؤهم على الأرض اللبنانية وخارج الأرض اللبنانية، فميشال سماحة ينقل المتفجرات بسيارته الخاصة ليسلمها إلى الإرهابيبن الذين دربتهم المخابرات السورية لتفجيرها في طرابلس ومدن الشمال اللبناني، في المساجد وتجمعات السياسيين وعلماء السنة، لإحداث فتنة طائفية تدمر الشمال اللبناني. وحزب حسن نصر الله يرسل إرهابييه إلى سورية لقتل السوريين وحصار المدن السورية لتجويعها وفرض الاستسلام عليها للرضوخ إلى النظام السوري والقبول بإجراءاته التعسفية، ويفتح معسكرات تدريب الإرهابيين على الأرض اللبنانية في بعلبك وجنوب لبنان وفي المناطق الخاضعة لسيطرته وإرسالهم إلى دول الخليج العربية، كما كُشف أخيراً في مملكة البحرين ودولة الكويت.
أمام هذا التخريب المتعمد والمتدرج من قبل نظام ملالي إيران ونظام بشار الأسد في سوريا تقف الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ أي إجراء يعيد للدولة هيبتها وسيطرتها على أجهزتها، ويقف رئيس الحكومة تمام سلام عاجزاً عن لجم تمرد وزير خارجيته جبران باسيل واتخاذه في اجتماع عربي موقفاً ضد مصالح لبنان، ويعلن وزير العدل أشرف ريفي على الملأ نعيه للمحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني، مستغرباً تمييز هذه المحكمة بين متفجرات من هنا ومن هناك.
الغضب من قرار المحكمة العسكرية اللبنانية التي أطلقت سراح ميشال سماحة امتد إلى القيادات السياسية، حيث قال الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط (أن القرار يشكِّل طعناً عميقاً في العمل الجبار الذي قامت به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، وأنه تغطية للجريمة إن لم يكن تشجيعاً لها).
هذا حال لبنان بعد أن سيطرت عليه مليشيات ملالي إيران ودكاكين بشار الأسد.