سعد بن عبدالقادر القويعي
تكتسب أهمية موقع ديالى العراقية إستراتيجية ضمن مخططات إرهاب إيران التوسعية، وذلك من خلال فيلق القدس الإرهابي، والمليشيات الشيعية؛ ما جعل من محاولات تغيير التركيبة السكانية للمحافظة، والتي بدأت منذ نحو سبع سنوات تقريباً؛ ولأن الإرهاب متعدد الصور، ومختلف الإشكال؛ ولكنه واحد في الهدف، والنتائج، فقد أكّد - محافظ ديالى الأسبق - عمر الحميري - قبل أيام -، بأن المليشيات الشيعية: «تقتحم القرى، التي تقطنها أغلبية سنية في المحافظة، وتقوم بعمليات قتل ممنهج لسكانها»، - مشيراً - إلى: « وجود سيطرة كاملة لهذه المليشيات على مدينة بعقوبة مركز المحافظة». وأوضح بأن المليشيات: «تقوم بعمليات خطف ممنهج لأهل المناطق السنية في المحافظة، وضرب هذه المناطق بالصواريخ؛ لإفراغها من أهلها، ومحاصرتهم؛ لإخراجهم منها إلى غير رجعة»، - مشيراً - إلى أن: «78 ألف شخص قتلوا في المحافظة، وهناك 27 ألفاً لا يعرف مصيرهم - حتى الآن -».
إن محاولات تغيير التركيبة السكانية في محافظة ديالى الحدودية مع إيران، هي وصمة عار في جبين الإنسانية. كما أنها جريمة حرب منظمة بمقتضى اتفاقية جنيف، باعتبارها ذات أبعاد واضحة، تهدف في مضمونها العام إلى إفراغ المحافظة من مكونها السني، والذي يراد تقليص وجوده في مناطق محددة؛ فالتهجير القسري هو ممارسة تنفذها حكومات، أو قوى شبه عسكرية، أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية، أو دينية، أو مذهبية؛ بهدف إخلاء أراضٍ معينة، وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلاً عنها.
لعل من أبرز دلالات الفصل الطائفي مناطقياً، هو الصراع المستمر للسيطرة على مركز القرار في بغداد، وديالى، والذي بدأ منه التطهير بأقسى درجات العنف في معظم المحافظات السنية، والمحافظات المختلطة؛ لنصبح أمام مرحلة هي الأخطر تنتظر ديالى، والتي تتلخص بإخراج السنة منها نهائياً؛ بهدف إعطائها طابعاً شيعياً مغلقاً. وهذه الخطة مرسومة كما يقول مستشار المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية - الدكتور - نزار السامرائي منذ زمن، يعود لما قبل الاحتلال الأمريكي من أطراف المعارضة الشيعية، التي حضرت مؤتمرات المعارضة في لندن، وصلاح الدين، وغيرها، والتي أرست شكل نظام الحكم لمرحلة ما بعد الاحتلال، وأخذت هذه الخطة قوة دفع بعد الاحتلال؛ بسبب تولي مسؤولين من أحزاب شيعة متطرفة لمقاليد السلطة، والمدعومين من سلطات الاحتلال، ومن الذين يحملون موروثاً طائفياً حاقداً، ونفساً ثأرياً يريد استئصال السنة من المشهد السياسي، والاجتماعي عبر سلسلة من الخطوات، تبدأ بقطع مصادر الرزق عنهم، ومصادرة ممتلكاتهم؛ من أجل إفقارهم، وتحويلهم إلى طبقة معدمة تماماً.
نحن أمام جرائم ضد الإنسانية ترتكبها الحكومة العراقية، والمليشيات الشيعية بحق المحافظات السنية في العراق، بما تشمله من عمليات خطف، وقتل ذات طابع طائفي، وقتل على الهوية، وتهجير قسري تتم في كل أقضية المحافظة، تصنف ضمن جرائم تطهير عرقي، وديمغرافي بامتياز؛ كون هذه الأعمال غير مشروعة في القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وتندرج ضمن جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، بل إن الأمر سيذهب إلى أبعد من ذلك؛ لأن المسؤولية الجنائية الدولية ستطول كل من خطط لجريمة حرب، أو حرض عليها، وملاحقة القادة العسكريين، والمدنيين على جرائم الحرب من منطلق مسؤولية القيادة.