سعد بن عبدالقادر القويعي
على الرغم من النفوذ الذي تتمتع به إيران في العراق وسيطرتها الفعلية على مقدرات الحكومة الطائفية الموجودة، إلا أن استطلاعا للرأي أجرته مؤسسة « ثنك تانك هاوس « الأمريكية، أظهر أن أغلبية ما أسمتهم بالمكون الشيعي في العراق قلقون من ازدياد النفوذ الإيراني في بلادهم. ووفق الدراسة التي أجراها «بيت الخبرة الأمريكي»، فقد اتهم « 78% « من أبناء المحافظات الجنوبية النظام الإيراني بتأجيج الصراع الطائفي في العراق - وعليه - دعا نحو « 60% « من الشيعة العراقيين المستطلعين إلى إحداث تغيير في العلاقة مع طهران، وبقي «30% « - تقريباً - ما بين غير آبه، أو متردد حيال الأمر.
الدراسة شارك فيها « 720 « مواطنا من الجنسين، عرّفوا على أنفسهم بأنهم شيعة في « 14 « تجمعاً، ومدينة، وبلدة عراقية. وتشير الدراسة التي جرت - بداية ديسمبر الماضي - إلى أن « 77% « من أبناء المحافظات الجنوبية غير راضين عن الوجود العسكري الإيراني في العراق، كما أن «88% « منهم غير راضين عن القيادات الدينية المرتبطة بطهران. وربما هذا ما يفسر رفض نحو « 67% « من العراقيين اعتبار بلادهم العراق جزءاً من إيران مذهبياً، كما ويرفض نحو «60% « - أيضاً - طبيعة العلاقة الراهنة مع إيران، كما يقول - الأستاذ - عماد الطواشي.
مع تعقد المشهد في ساحات اشتباك كثيرة في سوريا، فقد فرض الدور الإيراني نفسه على الساحة العراقية - منذ الاحتلال الأمريكي في عام 2003 م -، فسيطروا على العراق وعملوا على تشكيل مستقبله، وابتلاعه، باعتبار أن ما يحدث في العراق سيكون له تأثير بالغ على بعض دول المنطقة، والتي عانت من خلل أمني واضح، - ولذا - لم يكن غريبًا سعي إيران لفرض المخطط الشيعي الصفوي في المنطقة، بعد أن نجحت في إيجاد بيئات خصبة لمدها الصفوي في بعض الدول العربية.
من جانب آخر، فإن مجموعة مترابطة من الكوارث شهدتها التوجهات الإيرانية في السنوات الأخيرة؛ فأثمرت تحركات واسعة النطاق في دوائر خارجية مختلفة، وذلك في إطار تصور إيران لدورها الإقليمي، وانطلاقا من عقيدتها الثورية، والمتمثَّلةً في مشروعها التوسعي، وإيمانها بالهيمنة، والزعامة، والتمدُّد، والتفرُّد. ومع أن المشروع العقدي الإيراني لا يكتفي بالهيمنة، بل يهدف إلى تغيير الهوية، والاستحواذ، إلا أن الشيعة لا يشكلون سوى تعبير كمي، حيث إن شأنهم شأن الطوائف الموجودة في العالم العربي غير موحدين سياسيًّا، وفكريًّا، فهم منتمون لمدارس فقهية، وسياسية، وانتماءات متباينة، - وبالتالي - يصعب التقاؤهم على برنامج، أو هدف سياسي معين، كما تشير إلى ذلك بعض التقارير.
في تقديري، فإن مشروع إيران التوسعي العنصري في المنطقة العربية، وذلك من خلال مخططاتها التي راهنت عليها، واستثمرت فيها كثيرا سيمنى بالفشل، - خصوصا - وأن المشروع الخميني كان نتاج لمتغيرات داخلية، وإقليمية، ودولية مهدت الطريق لهذا الدور، إلا أن مشروعها الطائفي انفضح، بل وانكشفت سوأة طائفية القوى الموالية لها في المنطقة، واتضح الخطر الإيراني على كل دول الخليج العربي، - لاسيما - في ظل الظروف الإقليمية، والخلاف الإيديولوجي الذي بات يحكم معادلة العلاقة بين إيران، ودول المنطقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الداخل الإيراني يعيش جملة من التناقضات الإثنية، والمذهبية، وحالة كبيرة من السخط الذي تعيشه مكونات المجتمع الإيراني من الأحواز، والأكراد، والبلوشستان ضد الدولة الإيرانية.