سعد الدوسري
قبل ظهور الإنترنت كان الإعلام الرسمي هو اللاعب الرئيس في إدارة وتوجيه الرأي العام، خاصة أثناء الأزمات. وربما عاصر من تجاوزوا الأربعين عاماً كيف كان هذا الإعلام يقود الجمهور إلى المناطق التي يريدها أن تتوجه إليه. وهذا لا يعني أن ليس هناك من يختلف مع التوجيهات الرسمية، لكن المختلفين لا يظهرون على السطح، بل يبقون في الهامش، إلى أن تنتهي الأزمة.
اليوم، بات الوضع مختلفاً؛ فمن يقود الرأي العام هو الإعلام الجديد. وفي هذا الإعلام ليس هناك قائد؛ فالكل قادة، والكل يوجِّهون، ويكون المتلقّي في النهاية أمام إعلامَيْن، قد يناقض أحدهما الآخر، أو على الأقل يختلف أحدهما عن الآخر. ومهما حاول المهتمون بالشأن الإعلامي إسداء النصائح لمستخدمي الإعلام الجديد، بالالتزام بالمصلحة العامة، وعدم إثارة الفتنة، فإن الأمر في النهاية قد لا يهم ذلك المستخدم البسيط، الذي يرى فيما يكتبه تحقيقاً لذاته، بعيداً عن مصلحة الوطن أو مصلحة المرحلة الصعبة التي يمر بها، أو قد لا يهم ذلك المؤدلج صاحب الأجندة المعارضة لوحدة الوطن ومكتسبات مواطنيه.
إن على الإعلام مهمة التعاطي مع كل ما يطرح بوعي شديد، والتعامل معه وفق المعطيات الملائمة، بحيث يكون الصوت الأكثر حضوراً هو صوت العقل والعقلاء، دون تحيز لفئة على حساب أخرى، أو لمذهب على حساب آخر؛ لأن الجميع في النهاية يعيشون تحت مظلة وطن واحد، لا يملكه أحد دون أحد.