سعد الدوسري
كان المواطن اليمني المصاب بمرض مستعصٍ، يُعامل في مستشفياتنا المحلية، إلى فترة قريبة، معاملة المواطن السعودي، إذ إنّ أمر العلاج يصدر له بسهولة، وأوامر الإركاب على طائرات الخطوط السعودية تمنح له ولمرافقيه مباشرة، والسرير في أحد المستشفيات التحويلية، يكون جاهزاً قبل وصوله إلى الرياض.
أثناء فترة عملي السابقة في مستشفى الملك فيصل التخصصي، كنت ألمس العناية الخاصة التي يلقاها المريض القادم من اليمن، كما كنت ألمس اعتبار العاملين في المستشفى له، كمواطن. وهذه العلاقة ليست وليدة أيام أو شهور، بل هي متجذّرة في صلب العلاقة التاريخية بين أفراد هذا الشعب الواحد، سواء من خلال فتح أبواب المؤسسات الخدمية لهم، أو عبر وجودهم كأهل بلد، وليس كضيوف.
كان «وليد» يعيش بيننا، وكنت أرى فيه الصفات الشكلية والفعلية للشخصية اليمنية، والتي هي بالمناسبة محببة لكل الشعوب، فلم أقرأ أو أسمع من يكره اليمني، وذلك لأنه بسيط ومحب للآخرين وصافي النية وأبيض القلب.
كان قلب وليد ضعيفاً منذ ولادته، وكان يحاول ألا يعمل أعمالاً شاقة، ليس لأنه لا يحبها، بل لأنه لا يستطيعها. وفي النهاية، لم يجد بداً من العودة للعيش مع أمه في صنعاء. وحين قامت الحرب، تضاعف مرض وليد، ويشهد الله أنّ كل المحاولات التي حاولها أهل الخير لنقله للرياض، وإجراء جراحة حرجة له، كانت تسير على ما يرام، لولا الحوثيين وأتباع علي صالح.
مات وليد، وهو ينتظر الجراحة.
مات وليد، ونحن ننتظر نهاية الحرب وعودة الشرعية لليمن.