هاني سالم مسهور
في الحادي والعشرين من ابريل 2004م ضرب الإرهاب بكل ما يمتلك من وحشية مبنى المرور القديم في قلب العاصمة الرياض، الفاجعة تجاوزت كل التصورات بعدد ما حملت من الضحايا الذين قتلوا أو أصيبوا في عملية غادرة، وتكشفت المأساة العميقة مع انجلاء دخان
الانفجار، وجدوا جثة الطفلة وجدان التي كانت تلعب مع حمامتها ليفاجئها الغادرون وترحل إلى ربها وقد تركت من ورائها رسالة تقول فيها {بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}.
في ذاكرة صحيفة الجزيرة تحقيق ميداني للإعلامية روضة الجيزاني عن تلك الحادثة، كانت تلكم السنوات التي كانت فيها المملكة العربية السعودية تقود حربها مع خلايا الإرهاب التي بدأت في شهر مارس 2003م عمليات استهدفت الأمن والاستقرار وضربت بجنون حتى أشاعت القتل والترويع والخوف.
مع تنفيذ القصاص بحق سبعة وأربعين من المدانين بالإرهاب والتحريض عليه، تكون الطفلة وجدان وعشرات ممن أصيبوا من الإرهاب قد وجدوا القصاص العادل لهم في الأرض، ويبقى عند الله تعالى لكل منّ قتل وروع الآمنين العذاب العظيم {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (33) سورة المائدة.
من 2003م والحرب على الارهاب لم تتوقف ليوم واحد، الآلاف من رجال الأمن في السعودية يعملون الليل بالنهار في محاربة عدو لا يملك الجرأة أن يظهر تحت أشعة الشمس، لا يستطيع الظهور إلا متخفياً وراء الأستار، حرب هذه البلاد المباركة ضد الشر الذي يريد أن يستبدل الأمن والطمأنينة بالخوف والرعب هي حرب أكدت أن لهذه البلاد رجالا أخلصوا لدينهم ومليكهم ووطنهم، فكانوا في كل المواعيد قادرين على حسم المعركة مع عدوهم.
في تلكم السنوات الأولى من بداية حرب الارهاب على بلاد الحرمين الشريفين أودع الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله جملة عظيمة أودعها صدور الشعب كباراً وصغاراً (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه) من هنا استشعر كل جزء في هذه المملكة مدى المسؤولية في مواجهة عدو لا يعرف معنى لإنسانية، ولا يدرك مفهوماً لحوار، ولا يسعى لغير الإفساد واستباحة الدم الحرام تحت أفكار ضالة لا تستقيم وعقل يعي ويفهم مغازي الأهداف والمقاصد.
في العام 2015م قررت المملكة العربية السعودية أن تقود التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب، أكثر من أربع وثلاثين دولة تقف مع الرياض في معركة واسعة تؤمن السعودية بقدرتها على الانتصار فيها، هذه الإرادة تؤكد رؤية الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله الذي دعا لإنشاء المركز الدولي لمحاربة الارهاب في العام 2005م، لم يجد الملك عبدالله تجاوباً يذكر آنذاك وضرب الارهاب وتمدد في العراق وسوريا واليمن وليبيا وحضرموت ووصل إلى قلب أوروبا لندن وباريس وبرلين.
الحرب الشاملة على الإرهاب تبدأ من إيمان حقيقي بمدى الأهمية على استئصال هذه الأفكار المجنونة التي تزرع في رؤوس فارغة، معركة السعودية مع الارهاب هي تجربة تستحق أن تستلهم منها الدول والمنظمات والمراكز في العالم أجمع لتكون تجربة شاملة واسعة يستفيد منها العالم للتخلص من آفة تريد إشاعة الخوف والموت، ومن الأهمية أن نسجل هنا أن تنفيذ القصاص بحق المدانين بالإرهاب والتحريض عليه إنما هو تطبيق كامل للعدالة الإلهية التي تنفذها الدولة السعودية كمنهج تسير عبر عقيدتها الملتزمة بتطبيق الشريعة الإسلامية وتنسجم مع حقوق المواطنة والاقامة في الدولة، فلا مكان لدعاة الطائفية والمذهبية، ولا مكان لأذرع إيران التي تقطعت أوصالها وبات عواؤها في كل مكان بعد أن تلقت الضربات الموجعة توالياً.