هاني سالم مسهور
منذ منتصف ديسمبر 2015م ومع انعقاد مشاورات جنيف اليمنية برعاية الأمم المتحدة تزايدت الهجمات الصاروخية من اليمن تجاه المملكة العربية السعودية، وفي حين أكدت هذه الموجة الصاروخية على قدرة المنظومة الدفاعية السعودية وجاهزيتها في التصدي للصواريخ البالستية وتدميرها وضرب منصات إطلاقها في اليمن، بات من الواضح أن الانقلابيين يستخدمون آخر ما يمكن لديهم في معركة باتت نهايتها أقرب من أي وقت مضى مع تحرير الجوف وحرض والاستعداد لحسم معركة صنعاء.
مجموعة ألوية الصواريخ أو سلاح صواريخ اليمن يعود تاريخه إلى السبعينات في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، حليفة الاتحاد السوفيتي الذي زودها بجميع أنواع الأسلحة متضمنة لسلاح الصواريخ الباليستية، وكانت أول قاعدة في اليمن يقام عليها منصات صواريخ بمساعدة السوفيت هي قاعدة العند بمحافظة لحج (60 كيلومتراً شمال عدن)، التي كانت تحتوي على منصات سكود بي.
تم ضم مجموعة ألوية الصواريخ إلى قوات الاحتياط الإستراتيجي في 2012، وتتبع مجموعة الصواريخ القائد الأعلى للقوات المسلحة مباشرة. وتشمل المجموعة عدة ألوية عسكرية منها «قيادة مجموعة الصواريخ» و»اللواء 5 صواريخ» و»اللواء 6 صواريخ» و»اللواء 8 مدفعية - صواريخ».
استخدمت صواريخ سكود للمرة الأولى في قصف صنعاء خلال حرب 1994 الأهلية في اليمن عندما نشبت الحرب بين الشمال والجنوب إثر اغتيالات ومحاولة استحواذ على الجنوبيين من قبل السلطة في صنعاء، وعند محاولة الرئيس هادي تقليص نفوذ علي عبد الله صالح في الجيش، رفض أحمد علي عبد الله صالح التخلي عن ألوية الصواريخ وتسليمها إلى وزارة الدفاع في ديسمبر 2012م، وبعد انقلاب الحوثيين في 2015م هاجم الحوثيون منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي وحاصروا القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء في 19 يناير 2015م واقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة، وفي 21 يناير سيطر الحوثيون على معسكرات الصواريخ بصنعاء دون مقاومة.
بعد خروج الرئيس هادي من اليمن وبداية التدخل العسكري في اليمن استهدفت مئات الغارات مواقع ألوية الصواريخ في جبال «عطّان» وجبل النهدين وجبل نقم بصنعاء. وأعلنت السعودية في 21 أبريل تدمير الصواريخ البالستية التي في حوزة القوات المؤيدة لصالح والحوثيين، وتقدر أعداد صواريخ سكود في اليمن بمختلف أنواعها بـ500 صاروخ.
من المهم في هذا التصعيد للهجمات الصاروخية أن نتساءل عن الكيفية التي يمكن إطلاق هذه الصواريخ، وبحسب المختصين العسكريين فإن هذه النوعية من الصواريخ تحتاج إلى طاقم متدرب على عملية تحتاج إلى ما يزيد عن العشرة أفراد، وأن الحوثيين لا يمتلكون أفراداً مؤهلين للقيام بهذه المهمة التي تحتاج إلى دقة في عملية الإطلاق والتوجيه نحو الأهداف، وإن كانت تقارير مختلفة تشير إلى استعانة الحوثيين بأفراد من الإيرانيين للقيام بهذه المهمة يبقى أن الحرس الجمهوري هو الأكثر تأهيلاً في اليمن من خلال ألوية الصواريخ التي لم يتخل عنها المخلوع علي عبدالله صالح.
لا يمكننا في هذه المرحلة الخروج من سياق التطورات التي تحدث على المسار السياسي فاستجابة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لطلب الرئيس هادي بوقف إطلاق النار مع بداية مشاورات (جنيف 2) رافقه هذا التصعيد الصاروخي والتصريحات المتشجنة من المخلوع صالح ضد السعودية وخصومه الذين حددهم في خطابه بالرؤساء هادي وبحاح والبيض، وإن كان المخلوع صالح يريد اختباراً لصبر السعوديين فهو يراهن على الخسارة، وإن كان يراهن على تحقيق انتصار معنوي لأنصاره فهو أيضاً يراهن على الخسارة فلقد باتت القوات الشرعية أقرب كثيراً إلى صنعاء من أي وقت مضى.
توجيه روسيا الصفعة الأخيرة للمخلوع صالح تؤكد مدى حالة اليأس التي يعيش فيها بعد أن باتت كل رهاناته خاسرة، فلقد راهن على تدويل الأزمة اليمنية طويلاً عبر استمالة موسكو متجاهلاً أن الملف اليمني خاضع بإجماع القوى الدولية على توجهات واضحة بضرورة عودة الشرعية السياسية ونزع السلاح من المليشيات والانسحاب من المدن بموجب القرارات الدولية حتى أن رهانات الحوثيين بإطلالة أمد المفاوضات السياسية لن تستطيع الصمود طويلاً في ظل التقدم الميداني للقوات الشرعية على جبهات مختلفة.