رقية الهويريني
تتعلل الحكومة السورية بحصارها لبلدات (مضايا وكفريا والفوعة) في ريف دمشق بهدف فرض القوة والتضييق على المسلحين فيها، بل إن الحكومة تنفي وجود تجويع أصلاً، وأن الصور المنتشرة في وسائل الإعلام عن مجاعة مضايا لا تعدو عن كونها ملفقة وقد جلبت من بلدان أخرى!
وفيما قطعت الأمم المتحدة الجدل والاستخفاف بعقول المشاهدين حول تلفيق الصور؛ قامت بالتعاون مع الهلالِ الأحمر السوري بجميع الإجراءات الخاصة بمحاولة إيصال المساعدات الإنسانية إلى تلك البلدات، بما يعني مصداقية الأخبار وشفافية الصور! حيث وصل سعر علبة حليب الأطفال المجفف 500غم لأكثر من مئتي دولار! ولا يستطيع السكان الخروج من تلك البلدات بسبب الحصار المضروب عليها بحجة تطويق المسلحين! وهي حجة واهية غير مقبولة مقابل الوضع المأساوي هناك. وتتبادل الحكومة الاتهامات مع المسلحين داخلها حول حقيقة الحصار وأنه مفروض من الداخل!
إن ممارسة التجويع من الطرفين والاستفادة من هذه المأساة الإنسانية ومحاولة استغلالها من الأطراف المتنازعة إما لكسب نقاط على الأرض أو تشويه وجه الطرف الآخر أساليب سياسية لا تقبلها الشرائع السماوية ولا الأخلاق السوية. وما يؤلم أكثر مرور هذه الجرائم في ظل صمت دولي مطبق، وغياب مبدأ المحاسبة، وعدم التحرك الفوري لضمان تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن، وتخاذل الكتلتين أمريكا وروسيا اللتين لم تدينا أو تشجبا الوضع المأساوي ولم تبادرا لفك الحصار أو على الأقل المسارعة بإسقاط المساعدات الإنسانية من خلال الطائرات كما فعلت إبان حصار داعش لسنجار والمناطق المحاذية لها في العراق؛ مما يشير لوجود مؤامرة كبرى ضد الشعب السوري وتفتيته وإجهاض ثورته ضد الظلم وإطالة أمد القتال.
وفي الوقت الذي نمارس حياتنا الطبيعية داخل بيوتنا وأطفالنا بيننا وننعم بالأمن والدفء والشبع؛ يواجه سكان تلك البلدات الخوف والبرد والجوع، وهو ما يشعرنا بالعجز والقصور والخيبة واليأس، فلا نملك إلا الإشفاق عليهم والدعاء لهم.
وما نرجوه من الله أن يلطف بالشعب السوري كافة، وما نأمله من القوى الكبرى المساهمة في إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا ورفع المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب، واتخاذ الإجراءات الفورية الكفيلة بضمان إيصال المساعدات الإنسانية بجميع السبل المتاحة التي تستدعيها عجالة الوضع الإنساني المتردي.