رقية الهويريني
جاءت القرارات الحكومية الأخيرة حول رفع الدعم عن الطاقة (البنزين والماء والكهرباء) بهدف ترشيد الإنفاق الاقتصادي، وضبط المصروفات. وبرغم أنها قد راعت وضع بعض شرائح المجتمع إلا أن المواطن المعتاد على الهدر قد يتضرر منها! مما يتطلب منه اتخاذ التدابير المناسبة للموازنة بين دخله ومصروفاته من خلال السيطرة الجادة على المصروفات، والوقوف عند الأولويات.
ولعله من المفيد التفكير جدياً بوضع ميزانية شهرية وتحديد المصاريف ليتجنب المرء الديون، كما ينبغي على محدودي الدخل عدم المبالغة بشراء الكماليات غير الضرورية، وفي حال إقرارها لا بد من الاستعانة بجميع أفراد الأسرة عند تنفيذها وفرض التحدي أمام إلحاح الطلبات.
وربما أصبح من الضروري العمد لإقرار ثقافة جديدة في التعامل مع المصروفات استناداً على مقولة (مد الرجل بقدر اللحاف) حتى لا يتعرض الفرد لبرد الحاجة أو لفح شمس الديون أو مأزق المفاجآت!
إن أخطر ما يواجهه المواطن العادي حالياً الدخول في دائرة المباهاة وحلقة المظاهر وحلبة «الهياط» لا سيما في شراء الأثاث أو السيارة أو الملابس أو حتى الأجهزة والمجوهرات، لذا جدير برب الأسرة وسيدة المنزل تدريب أبنائهما على كيفية التعامل مع المال باعتدال كونه وسيلة لإشباع الحاجة وليس هدفاً للمباهاة والجري خلف الكماليات. كما ينبغي الوصول لقناعة أن السعادة ليست بالمظاهر أو هوس الشراء بيد أنها بالقناعة وراحة البال فهي جوهر النفس المبني على الصفاء والنقاء.
ولئن كان بعض الرجال يُحَمِّل زوجته وزر زيادة الاستهلاك والإسراف وعدم الاعتدال في الصرف لا سيما فيما يتعلق بالطاقة، وبالتالي سريان نفس سياستها العبثية على أبنائها؛ فإنه من الضروري الاتفاق على وضع الميزانية الأسرية وإشراك الأبناء في توزيع بنودها، وضرورة تربية الفتيات بالذات على كيفية الاستهلاك الأمثل في المنزل، حيث تعتمد مفاهيم الإسراف والاستهلاك والاعتدال على التنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية التي من خلالها يمكن الوصول إلى ثقافة متوازنة بين الصرف والترشيد، وحينئذ لا يتفاجأ المواطن بأي سياسة قادمة للترشيد لأنه يوازن بين دخله ومتطلباته الواقعية.
أزعم أن المرحلة المقبلة ستكون قاسية على المبذرين المسرفين، بينما ستعبر دون منغصات على أولئك المقتصدين ممن اعتادوا على الاعتدال في التصرف الحكيم بدخلهم، وستكون مرحلة جديدة من العقل والواقعية والحضارة.