فهد بن أحمد الصالح
كثر الحديث عن الجمعية الوطنية للمتقاعدين وأسباب تعثرها، بالرغم من العديد من الخبرات والكفاءات التي تعاقبت على مجالس إدارتها والهيئة الاستشارية فيها، وهي حتى الآن لا زالت تصارع من أجل البقاء، إلا أن هذا البقاء لا يزال هشاً لأن لا شيء فيها قد بني على نظام مؤسسي دقيق، ولن نجتر الماضي كثيراً إلا من باب الاستفادة منها لانطلاقة أكثر صلابة، ولكن كيف يمكن معالجة واقعها لكي تنطلق نحو الرسالة التنموية التي أطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية، وهو سؤال كبير ربما تجيب عليه الوزارة وقياداتها التي لم تهتم بها إلا أخيراً وكانت في عقدها الماضي هي أحد أهم أسباب تراجعها وفشلها في تحقيق رسالتها وخدمة منسوبيها لأنها تعاملها مثلما تعامل جمعيات الأيتام وغيرها، وهذا ليس مبرراً للقصور في تعامل الوزارة مع الجمعيات الأخرى ولكنها انشغلت أو اشتغلت بأمور أخرى لا يرى المجتمع أنها حققت التميز هنا أو هناك، والشواهد على الأداء في العقد الماضي يعرفها حتى من هو بعيد عن العمل الخيري في مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك تستطيع أن تجيب على هذا التراجع المجالس التي تعاقبت عليها وهي تجتهد ولها آجر المجتهد المخطئ فيما عدا مجلسها الأول الذي صاغ وجودها المثالي ولم تكتمل المسيرة فيما بعد لإطلاق بعض تلك المبادرات.
ولعل مكوثي فيها لمدة ثلاث سنوات تكون كافية في تشخيص واقعها فقد أتيتها مستمعاً ثم متطوعاً ثم عضواً في الجمعية العمومية لفرع الرياض ثم عضواً لمجلس الإدارة في دورة استمرت فقط 8 أشهر بدلاً من أربع سنوات، ثم عدت إليها عضواً عاملاً في فرع الرياض لإيماني بها وبأهدافها وثقتي أنها يجب أن تكون أفضل حالاً مما هي فيه، فهي نهاية المطاف لكل رجل عامل وامرأة عاملة في النظامين، ولعلنا نتفق قبل البدء في سرد المرئيات أن الاعتراف بوجود المشكلة أول الخطوات إلى الحل، أما إذا تجبرنا وتكبرنا وقلنا غير ذلك فستستمر الجمعية الوطنية للمتقاعدين دون الطموح مثلما هي الآن، ولا نعتقد أن أحداً يشك في ضرورة أن تكون تلك الجمعية هي سيدة مؤسسات المجتمع المدني ورائدة مؤسسات النفع العام خصوصاً أنها رمز الخبرة وأرض الكفاءة ومعين لا ينضب من القدرات والمشارب المختلفة المدنية والعسكرية والخاصة الذين من خلالهم يمكن إعادة عجلة العطاء لهذا الوطن الكريم ومواطنيه، ويسرني أن أورد المرئيات التالية:-
1 - إن أول العوائق التي منيت بها الجمعية أنها اكتسبت صفة الخيرية في سبيل سرعة التأسيس وعدم قبول الجهات المعنية بها أن تكون ضمن اهتمامها سواء صناديق التقاعد أو وزارة الخدمة المدنية أو وزارة العمل، ومن أجل تحقيق طموح المؤسسين لها وهم كفاءات رائدة ومتقاعدة ولكن أجبروا على أن يطلبوا التصريح بهذه الصورة، لأنه المخرج الوحيد في ظل عدم رغبة الجهات الأخرى التصريح لها ربما ليس رفضاً للفكرة ولكن لأن الأنظمة لديها لا تخدم هذه التوجهات.
2 - من خلال صفة الخيرية فهم أهل الخبرة والكفاءة، إنها جمعية لأهل الحاجات من المتقاعدين، فلم ينضموا إليها لأنهم ليسوا معنيين بالأمر، ولذا فقدت الجمعية القادرين على تحقيق أهدافها ورسالتها، إضافة إلى أن أحد مجالسها نحا برسالتها إلى الاستضعاف والتمسكن وطلب المساندة فكانت عند الآخرين كجبل الجليد الذي بدأ يذوب، لأن تأسيسها صاحبه بروز إعلامي وثقافي ومجتمعي كبير انتهى كله بفعل فاعل مجتهد داعب العواطف ولم يخاطب العقول وهذه مهارته.
3 - تشكلت في الدورة المثالية الأولى الهيئة الاستشارية التي كان آخر العهد بها بعد نهاية تلك الدورة وهي تضم أكثر من 36 شخصية فذة من جميع مناطق المملكة ونتج عنها دراسات لمشاريع وشركات تصب في مصلحة المتقاعدين وأبنائهم وصرف عليها مئات الآلاف وتبخر الحلم ولم تفعل الهيئة الاستشارية التي كان يرأسها علم اجتماعي هو سمو الأمير سعود بن ثنيان الذي له ولشركة سابك أفضال على تفاصيل الجمعية لا تعد ولا تحصى وله بذرة خير في مسيرة الجمعية.
4 - لم تفعل توجيهات الرئاسة الفخرية كما يجب في قيام الجمعية بواجباتها تجاه مجتمع المتقاعدين بالرغم من الدعم المالي الكبير الذي تجاوز 5 ملايين ريال من الرؤساء الفخريين الثلاثة لها غير الدعم الشهري الذي يأتي من سمو ولي العهد ووزير الداخلية ورئيسها الفخري وتوجيهاته بتذليل كافة الصعوبات التي تعترض مسيرتها، لأن له رؤية هي رؤية القيادة الحكيمة لهذا البلد من أن المتقاعد ثروة يجب الاستفادة منها وحفظ التقدير له نظير ما قدمة لوطنه وحكومته وشعبه فيما مضى.
5 - لم تتقن مجالس الإدارة الأخيرة إدارة الجمعية كما يجب أن يكون، ربما لبعدها عن مؤسسات المجتمع المدني أو للرغبة في المركزية وحب السلطة، وألغت وجود الإدارة التنفيذية وسلبت صلاحياتها وأصبحت الجمعية تدار بفكر متقاعد لا يؤمن بالتطوير ولا التغيير ولا بناء جسور مع الكيانات الاقتصادية الداعمة التي ترى في المسؤولية الاجتماعية ترجمة لواجب الوطن والمواطن عليها، بل لعلها استعدت أقرب الناس لها وهي صناديق التقاعد وكذلك البنوك الداعمة للمتقاعدين.
6 - إضعاف الفروع بشكل قد شل حركها في المناطق والمحافظات الرئيسة حيث كان الهم هو جلب التبرعات التي تدخل لخزينة الجمعية ولا تخرج فالخارج مولود والداخل مفقود حتى يصرف من هذا الإيراد على الإيجارات ورواتب المركز الرئيس بالرغم من الالتزام السابق بأن 15 % من الإيراد الذي يحصله الفرع يبقى للخزينة العامة والباقي يعاد صرفه للفرع كي يسير نشاطاته وبرامجه ويخدم متقاعديه من خلال تلك الفعاليات الاجتماعية التي تقيمها الفروع لمنتسبيها، وأسهمت هذه الصورة دون شك في إبعاد المتقاعدين عن الانتساب للجمعية لأنها لم تحقق شيئاً على أرض الواقع يدفع بهم إلى الانضمام إليها أو التطوع لها خصوصاً أن بعض المحافظات تتفوق على بعض المناطق في عدد المتقاعدين.
7 - إهمال وزارة الشؤون الاجتماعية لكل ما يرد من أعضاء الجمعية العمومية أو الفروع من خطابات وشكاوى على المركز الرئيس أو مجالس الإدارة وكذلك إغفال الطعون التي قدمت على انتخابات الدورة الثانية والثالثة مما أعاق تقدمها في خدمة منتسبيها، وكذلك عدم معالجة الأمور والتحفظات التي كانت ترفع على محاضر الاجتماعات من أعضاء مجالس الإدارة مما حدا بهم إلى الاستقالة والراحة من البيروقراطية التي أعاقت التنمية في الوطن فكيف بها بعد التقاعد. وأثرت في نمو وتطور مؤسسات المجتمع المدني، ومن ذلك موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية على انعقاد الجمعية العمومية يوم الاثنين الموافق 10- 3- 1437هـ لمناقشة مشروع نظام الجمعية والمقدم من مجلس الإدارة المكلف وتم الإصرار على عرضه ومناقشته رغم صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية من مجلس الوزراء بتاريخ 19- 2- 1437هـ والذي يلغي كافة الأنظمة التي تتعارض معه من أحكام قبل صدور اللائحة التفسيرية التي كلفت بها وزارة الشؤون الاجتماعية ولم يتم الانتهاء منها علماً بأنه تم الاعتراض عليه أثناء الجلسة وقبلها بخطاب مرسل لمجلس الإدارة من مجموعة من أعضاء الجمعية فيه العديد من الاعتراضات والملاحظات، فكيف أقرت الوزارة مناقشة مشروع نظام مبني على نظام ملغي من مجلس الوزراء، وقد ذكر ممثل الوزارة أن النظام لم يصلهم من الوزارة بعد ولم يبلغوا بتطبيقه، وأشار أن مرجعه أبلغه بالتصويت على النظام وهو الأمر الذي لا نعتقده ولكن لا نعلم كيف تقبل الوزارة مثل ذلك.
8 - عدم تفعيل لجان العمل في الدورة الثانية والرابعة وإعاقتها في الدورة الثالثة حيث تم تشكيل لجنة لنظام اكملت مسودته وتم محاربة إصداره وكذلك لجنة للإعلام والعلاقات العامة اكملت خطتها ولجنة لتنمية الموارد وطرحت العديد من البرامج والشراكات ولجنة للفروع حددت سياسة التعامل بين المركز الرئيس والفروع وأسلوب تنشيطها وتفعيلها مع مجتمعها في كل منطقة ومدينة، إضافة إلى لجنة المسؤولية الاجتماعية التي أصدرت مسودة الخطة السنوية لها، ومع ذلك كله لم يصدر عن الجمعية طيلة الست السنوات الماضية ما يفرح المتقاعد والاكتفاء بالتنظير عبر الصحف بما لا يخفى على المتقاعد الحزين على واقعه وانطبق المثل «أنك تسمع جعجعة ولا ترى طحناً» في رسالة لعجز أهل الخبرة عن الخدمة.
9 - الانتصار للرأي في الدورة الثانية والرابعة (المعينة)، فالثانية مضى عليها قرابة خمس سنوات وهي عاجزة عن إصدار نظام للجمعية، والرابعة أصرت على طرح نظام ناقص وملغي من قبل مجلس الوزراء بعد صدور القرار الكريم المنظم للجمعيات الخيرية والأهلية وصندوق الإعانات لها، في حين أن اللائحة التنفيذية ستصدر خلال أقل من شهرين وكان ثقافة تلك الدورة أكون أو لا أكون في إصدار نظام مبني على نظام ملغي وعمم الجديد على الجمعيات ولم يلتفت له.
10 - الجمعيات الناجحة سواء خيرية أو مهنية تعتمد اعتماداً رئيساً على فاعلية الإدارة التنفيذية، وهذا ما كانت تفتقده جمعية المتقاعدين في الدورات الثلاث الأخيرة، فالعمل يحتاج لفكر خلاق وقدرة على التطوير وبناء شراكات فاعلة مع القطاع الخاص، كما يلزم أن تتوفر فيه القدرة على بناء هيكل إداري ويستطيع أن يوزع المهام والمسؤوليات ويقيس الأداء ويحاسب عليه، كما يجب أن يكون لديه رغبة في التواصل مع الآخر لأن الفردية لا تصنع الإنجاز مهما كان.
11 - التركيز على الحضور الإعلامي بالتنظير وعدم الاهتمام بزيادة أعداد المنتسبين للجمعية والتواصل مع القطاعات في فترات التقاعد ومشاركتهم حفلات التكريم، ويكفي أن يعلم القارئ الكريم أن عدد المتقاعدين في النظامين تجاوز المليون متقاعد ولم تنجح الجمعية في استقطاب 1 % منهم لأن عدد الأعضاء العاملين لم يتجاوز 900 متقاعد، وهذا مفتاح نستطيع به قراءة الواقع عن قرب، ولا تجد مع ذلك نمواً من سنة إلى أخرى بل إن المتقاعد إذا انتهي اشتراكه لا يجدده.
12 - إقصاء كل صاحب فكر يرغب بالتعاون مع المجلس الجديد وكان غير أعضاء المجلس لا يستطيعون تقديم رؤية أو يقترحون فكرة تخدم زملاءهم المتقاعدين، ولذا ترى أنها أصبحت بيئة طاردة لأهل الخبرة والكفاءة وخدام المجتمع، وهناك العديد من المطالبات وعرض الخدمات والخبرات لكي يستفاد من أصحابها في مستقبل الجمعية إلا أن التقوقع والسرية التامة فيما يتم تداوله قد رفع درجة الاحتقان مع العلم أنه من حق كل عضو أن يعرف كل ما يدور في جمعيته.
13 - تفويت الكثير من الفرص على الفروع في تفعيل المواطنين معهم لاستثمار المنح الملكية التي أمر بها المقام السامي للجمعيات الخيرية لأنهم علموا أن ما يرد لخزينة الجمعية لا يخرج منها، وهذه ثقافة لا يقرها أهل المدن والمحافظات.
14 - محاربة كل الناجحين من أهل التقاعد المبكر وإغفال ما يقدمونه من مقترحات مثلما حصل في مسودة النظام التي صدرت عن الدورة الثالثة أو عشرات البرامج المقترحة التي صدرت عن لجان الدورة الثالثة واجهضت سابقاً ولاحقاً.
15 - طُلب سابقاً من أحد الأعضاء دراسة أسباب عزوف المتقاعدين عن عدم الانضمام إليها أو عدم تجديد اشتراكهم فيها ولم يعر لذلك أي اهتمام واكتفوا بطرح عضويات جديدة لا تخدم المتقاعد ولا جمعيته من أجل زيادة عدد المنتسبين.
16 - طرح العديد من المرئيات والمقترحات التطويرية للجمعية في هذه الصحيفة وغيرها واحتسبت أنها نقد شخصي موجه، وتبدلت لغة الحوار وأصبح الموافق وإن كان على خطأ هو الصديق والمخالف وإن كان على حق هو غير ذلك.
17 - تفويت فرصة دعم وزارة الداخلية المشكور للجمعية حول البحث عن موقع مناسب يكون مقراً لمركزها الرئيس ولفرع الرياض وللفرع النسائي.
18 - فشل الجمعية الأم في التواصل مع ممثلي المتقاعدين في مجلسي معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وإيصال صوت المتقاعد لهم واحتياجاته وكذلك القدرات الموجودة في الجمعية من أجل بناء شراكة لعمل مؤسسي يتعلق بدراسات أحوال المتقاعدين واحتياجاتهم ورواتبهم وظروف المعيشة ومعدلات التضخم ودفع توجيهات مجلس الشورى في ربط الراتب التقاعدي بمعدلات التضخم التي أرهقت كاهله وجعلته لا يستطيع توفير الضروريات لأسرته فكيف بالكماليات.
19 - مجلس رائع الذي اختارته وزارة الشؤون الاجتماعية لتسيير الأعمال كأشخاص ولكنهم مشغولون بالعديد من المهام الرسمية والتطوعية وقد أتموا أكثر من أربعين اجتماعاً في عام واحد نتج عنها وقف للجمعية بعد الإعانة الملكية فقط ونتائج الاجتماعات الأخرى لا يعلم عنها إلا المجلس المعين وربما الوزارة بالرغم من المطالبة بالتجديد لهذا المجلس.
20 - عدم وجود رؤية أو خطة إستراتيجية للنواحي الثقافية والاجتماعية التي تخص المتقاعدين وتنمي مداركهم وتربطهم بالمتجمع في حين أن الكثير من الفعاليات والبرامج يستقطب المتقاعدين تحديداً ولكن جمعيتهم أغفلت هذا بالكامل.
21 - إغفال حاجة المتقاعد الصحية والرياضية وعدم إشراك القطاع الخاص في هذا الجانب من باب المسؤولية الاجتماعية وكذلك عدم الاستفادة من موافقة الرئاسة العامة لرعاية الشباب على استخدام ملاعب وتجهيزات المدن الرياضية.
22 - لا يوجد في الجمعية ولا فروعها ما يحفز على التطوع لها وخدمة منسوبيها مع إغفال الجانب التحفيزي المعتمد على التشجيع المادي والمعنوي للمتقاعد الفاعل، ولهذا أصبحت بيئتها طاردة وليست جاذبة لمنسوبيها أو المتطوعين لها.
23 - لا توجد برامج ذات رسالة وهدف ورؤية تستطيع الجمعية أن تقدمها لقطاعات الأعمال، كما لا يوجد لديها ثقافة الشراكات من خلال الرعايات لأن الفكر الذي يديرها فكر متقاعد وقديم ويفتقد الحس التسويقي الحديث المقنع للآخر.
24 - عدم وجود ضوابط للترشيح والانتخاب، وقد تكون المسؤولية الأولى على وزارة الشؤون الاجتماعية فتجد البسطاء من المتقاعدين قد ترشحوا وانتخبوا بسبب التكتلات وتم رصد ذلك في أكثر من حالة وبعلم الوزارة، كذلك يتقدم للترشيح من تجاوز الـ 70 عاماً وآن له أن يستريح.
25 - عدم بناء جسور مع الوزارات لإعادة استثمار خبرات المتقاعدين أهل الكفاءة والدراية والمهنيين، ففي دول العالم لا ينبري للاستشارة إلا الخبراء من المتقاعدين وجميع المصالح الحكومية ترحب بذلك لو أحسن تسويق هدف الجمعية.
26 - مضي وقت طويل في المطالبة ببعض الاحتياجات للمتقاعدين كرفع الحد الأدنى للراتب والعلاوة السنوية والتأمين الصحي وبعض الاحتياجات الأخرى التي رفعت في الدورة الأولى وشكل لها لجنة وزارية لدراستها، ونظراً لأسلوب التفاوض غير المقنع بقيت تلك الاحتياجات تدور حول نفسها في حين أن بعضها ممكن التطبيق خاصة الحد الأدنى للراتب لأنه سيقارن بالحد الأدنى لراتب الموظف على رأس العمل، والتوصيات المتكررة لمجلس الشورى بربط راتب المتقاعد بمعدل التضخم وكأنها موافقة رسمية على العلاوة في الراتب، أما التأمين الصحي فحال المتقاعد كحال الموظف في القطاع العام وإن صدر التأمين الصحي سيصدر للجميع ومع ذلك استغل في الوهج الإعلامي لبعض قياداتها.
27 - ضعف الدعم الحكومي للجمعية، وهذا ليس سببه وزارة الشؤون الاجتماعية ولكن الإدارة التنفيذية لأن الدعم يصرف على قدر النشاط والبرامج والفعاليات ولذا تأخذ الجمعية الحد الأدنى من الإعانة التي لا تسد جوعاً ولا تقتل ضمأً.
ليست هذه هي الملاحظات أو الإضاءات الوحيدة التي يراها من هو داخل الجمعية ولكن ربما تكون الأهم، ولم أوردها إلى رغبة في تصحيح مسارها الذي أن تجاوزنا الدورة التأسيسية الأولى أن نقول عنه أنه متعثر فيما عدا ما أنجز المجلس المعين أخيراً من الوقف الذي تجاوزت قيمته 6 ملايين ونصف المليون ودخله 550 ألف ريال ولا تغطي بكل تأكيد مصاريفها الإدارية والتشغيلية التي تقترب من مليوني ريال سنوياً، أي أنها لبنة في الطريق الصحيح، وقد تتعرض جمعيتنا للإفلاس إذا لم يكن هناك خطط استثمارية لموجوداتها من الأراضي وكذلك إطلاق برامج مجتمعية لتنمية الموارد وبشكل دقيق لأنها لا زالت تعتمد على الإحسان والاستجداء، وقد يكون ذلك لأن لها صبغة خيرية، مع ضرورة التركيز على جانب مهم غفلت عنه الجمعية كثيراً وهو حفظ الشكر والثناء لكل من يسهم في مسيرتها وتكريمه والإشادة به لكي يكون مثالاً يحتذى من الآخرين، مع علمي أن هناك الكثير من المساهمات التي وردت للفروع وأحرجوا بسبب عدم تقديم الشكر على أعلى المستويات من المركز الرئيس، وحتى يصلح الحال فلابد بد أن تكون النظرة متفائلة بمستقبلها، فالنيات إن صلحت فإن أهدافها ولا شك ستتحقق لأن منتسبيها هم من بنى الوطن فكيف يفشلون في بناء جمعيتهم ومستقبلهم، ولكن لا بد أن يشركوا في ذلك ويستمع لهم فإدارة جمعيتها العمومية ليست ككل الجمعيات حتى يختزل طموحهم أو تسفه آراء بعضهم أو لا يسألوا في مستقبلهم فإن ودعتهم وزاراتهم فلا بد أن تستقبلهم الجمعية في حياة جديدة وثقافة تعامل مختلفة.
ختاماً.. إن الجمعية الوطنية للمتقاعدين هي نهاية المطاف لكل موظف سواء قطاعاً عاماً أو قطاعاً خاصاً ومدنياً أو عسكرياً أو هكذا يجب أن تكون، ولعل رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيسها الفخري تعيد لها الحضور مرة أخرى خاصة مع التوجه الكريم والموافقة السامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على إطلاق وقف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي تشرفت الجمعية برئاسة الفخرية لها وكان لدى سموه الكريم رؤية خاصة للجمعية وثقة عالية في المتقاعد الذي أسهم بجهده وعلمه في حضارة هذا البلد الكريم مثلما أسهم آباء المتقاعدين مع المؤسس - رحمه الله ورحمهم - في إرساء قواعد هذا البلد وتوحيده، ولعل هذا الوقف يسهم في دفع عجلة برامجها وفعالياتها لخدمة المتقاعدين وإعانتهم على ظروف الحياة بعد التقاعد واستمرار نشاطهم وعافيتهم من خلال ما سيحتويه الوقف من أندية رياضية وصحية وثقافية وغيرها الكثير ويكون نواة مباركة في تعميمه على مناطق المملكة، كما أن كل المتقاعدين يتطلعون من خلال النظام الجديد المنظم للعمل الخيري والأهلي والصندوق الذي سيخصص لدعم الجمعيات أن يكون للجمعية وجود مختلف وكذلك نتائج مختلفة، لأن العمل بالكامل سيتحول إلى عمل تنموي وليس خيري، وهذا يستلزم تغير ثقافة العمل داخل الجمعية سواء في إدارتها التنفيذية أو مجلس إدارتها لكي يتواكب مع الرؤية الجديدة للوزارة، مع التطلع لجميع المتقاعدين أن لا يتقدم لها إلا من يستطيع أن يقدم لمنتسبيها ما ينفعهم ويشد أزرهم ويستثمر خبرتهم ويجعل من الجمعية انطلاقة جديدة لحياة جديدة بعيدة عن البيروقراطية وسياسة الرأي الواحد التي أعاقت تقدمها وقتلت طموحها، وهذه قراءة عضو عامل يتطلع لمستقبل أكثر إشراقاً.
نقطة نظام, ألا يمكن أن يطرح هم التقاعد ضمن الأمور التي يتابعها مجلس الاقتصاد والتنمية للخروج بتوصيات نرسم بها مستقبل المتقاعدين وجمعيتهم، ثم ألا يمكن أن تعامل معاملة الجمعيات أو الهيئات المهنية وتربط مرجعيتها بوزارة الخدمة المدنية أو وزارة العمل ما لم تكن هيئة مستقلة ترتبط بالمجلس الاقتصادي مباشرة وإن رأس مجلس إدارتها أحد أصحاب المعالي فهي لا تقل أهمية عن الهيئة العامة لأموال القصر أو الهيئات الأخرى.
والله الموفق إلى أفضل السبل.