جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم يعد السكوت مجدياً، بعد أن تمادينا بالتّغاضي عن أشقائنا الخليجيين، وقبلهم العرب من علاقتهم المشبوهة بنظام ملالي إيران.
نعم علاقات مشبوهة، فنظام ملالي إيران عدو أخطر من العدو الإسرائيلي، فهو على الأقل يخوض عداءه معنا بانضباط، ومع أن لا وجود للعقلانية في شنِّ الحروب وممارسة العداء، إلا أنه وبمقاييس العصر، تُعد إسرائيل عدواً عاقلاً، وإيران عدواً جاهلاً يغلب جهله على أي تعقُّل.
الخبث الفارسي معروف منذ الأزل، وقد غلّف بعد أن فرض عليهم الإسلام، بمبدأ أدخلوه لمذهبهم بعيد عن الإسلام، أسلوب التُّقيّة الذي هو وجهٌ آخر للنفاق، الوجه الآخر للكفر.. ولذلك فإن مثل هؤلاء القوم يجب ألا يأمن أحدٌ شرهم، وإذ كانت المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية والدول العربية قد تعاملت مع إيران من باب كونها دولة مسلمة، وبالتالي فهي شقيقة للعرب، ودولة جارة ومن مبادىء الإسلام الإحسان للجار، فرداً أو كياناً، إلا أن كان ذلك لم يُجدِ مع من استوطنَ المرض قلوبهم.
نظام ملالي إيران الذي يدّعي الالتزام بمبادىء الإسلام هو أول من يخرقه ويتجاوزه، وتعامله مع جيرانه من المسلمين من عرب أو أتراك أو أكراد أو تركمان أو بلوش أو أذربيين يُؤكد ذلك، فالنظام الإيراني يُؤذي الدول المجاورة ولا يلتزم بأخلاق الإسلام التي تحث على حُسن الجوار.. وحُسن الجوار لدى ملالي إيران إرسال الإرهابيين والقنابل والأسلحة وإثارة الفوضى والفتن مثلما يفعلون في البحرين والعراق وسوريا ولبنان واليمن، كما يسعون إلى تحقيق ذلك في دول الخليج العربية بزرع الخلايا النائمة في المملكة ودولة الكويت والإمارات ومصر والسودان.
هذه هي أفعال نظام ملالي إيران والذي أصبح الآمر الناهي في ثلاث عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت، وكاد أن يضيف صنعاء التي وإن ما زالت تحت سيطرة عملائه في اليمن، إلا أن الحزم السعودي والتحالف العربي قلَّص نفوذهم وحصره في أماكن معدودة من اليمن، ولن يكون اليوم ببعيد الذي سيشهد تحرير صنعاء كبداية لتحرير العواصم الثلاث العربية الأخرى.
وحتى ذلك اليوم يجب أن يكون التعامل بوضوح مع الدول التي لا تملك قرارها السياسي، وأنها تابعة لنظام ملالي إيران رغم الزعم بأن حكوماتها مُنتخبة، وأنها تمثِّل مجتمعاتها رغم أنها مُختطفة من المليشيات الطائفية، وعليه يجب أن تُعامل تلك الأنظمة على أنها تابعة لنظام ملالي إيران ولا يُعتد بها.
اليوم، تشهد الجامعة العربية في مقرها في القاهرة اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب لمناقشة الاعتداءات الإيرانية على أكثر من بلد عربي، وسنرى تلك الأنظمة الممثّلة لملالي إيران تنبري بالدفاع عن هذا النظام العدو لكل العرب، فيما سينزوي البعض في المنطقة الرمادية، مدّعين الحياد في قضية لا تقبل الحياد، إذ يُعتبر مثل هذا العمل من دول سيطولها العدوان الفارسي عاجلاً أم آجلاً تخلياً عن دورها القومي، وتقاعساً عن تحقيق الأمن القومي العربي.
لا شك أن أغلبية الدول العربية ستتصدى لعدوان نظام ملالي إيران ومحاولات تبرئته وحتى الدفاع عنه، وعن عملائه من الأنظمة العربية المسلوبة الإرادة، إلا أن كل ذلك لا يُجدي ما لم يتم اتخاذ مواقف واضحة وشجاعة تُميز الغث من السمين، وتشخّص العدو من الصديق، وتترك المتخاذل متقوقعاً في منطقته الرمادية.