فيصل أكرم
*(مدخل):
يا أيها الغائبونَ
تغيَّبوا أكثرْ
فالماءُ يرجعُ غيمةً، لو في الفضاءِ تَبَخَّرْ
والعودُ أصبحَ حزمةً مُذْ أنْ تَكَسَّرْ
وأنتمُ الحلمُ الأخيرُ
يموتُ لو يوماً تَفَسَّرْ
*(المسافة):
طائرٌ
هذا الذي بين الغمائمِ
أو هو الإنسانْ؟
خمسون عاماً في اغترابٍ
طائراً
لا طفلةٌ تبكي إذا غابْ
لا إخوةٌ سألوا عن الأسبابْ
لا رحلةٌ فتحتْ لرؤياه القديمةِ معبراً
فلقد تساوتْ في مراياه السحابةُ والسرابْ
هذا الذي بين الغمائمِ
جاهلٌ؟
أم أخطأ العنوانَ في هذا الكتابْ؟
قد قيل في الأمثال: سافِرْ
واستفدْ
لكنه،
نفدتْ به الأسفارْ.
أرقامُهُ الصِّفرُ
تزيدُ
إذا يزايدُ في الهواء على حضورٍ
أو مضى، في الرمل
أو ضلَّتْ خطاهُ التيهَ بعد التيهِ، حتماً
تنقصُ الأصفارْ
ما قيمةُ الوَتَرِ الوحيدِ
إذا تهزهزَ في اجتراحٍ نازفٍ
من بين غاباتٍ تشدُّ الشوكَ بالأوتارْ؟
من ذا يمدُّ الظلَّ
دون تكسُّرٍ
والشمسُ تحجبها عن الأسوارِ أسوارٌ
تمدُّ العتمَ للمكسورِ في الأشجارْ؟
هو طائرٌ
لا يشتهي الأعلى، ولا
حتى الفضاءاتِ التي قد كان يرسمها
ولكنْ
كان يبدأ
ينتهي
في شهوةٍ رفضَتْ تحرِّر نفسها، من بعضِ سِرٍّ
ثم فانهفتَتْ على أقفالها الأسرارْ
هو طائرٌ..؟
سأقولُ: لا
هو في الحقيقةِ، كالحقيقةِ
هل تطيرُ حقيقةٌ، كرصاصةٍ، صوبَ الحقائقِ؟
أم ستغرقُ تحت زخّاتٍ من الأمطار!
أفهل رأيتَ رصاصةً مخنوقةً سبحتْ مع التيارْ؟
هو طائرٌ.. لا
لا طيرَ في هذا النهارْ
شرَّعتَ أو أسدلتَ في هذا الستارْ
لا شيءَ من خلفِ الستارِ سوى الجدارْ.
فاقنع بنفسكَ،
طائراً،
أو واقعاً،
أو بينَ بينِكَ، في المسافةِ
من شمالِكَ أو يمينِكَ، وانتظرْ..
(لا شيءَ بعدَ الانتظارِ سوى انتظارْ).