ثامر بن فهد السعيد
يتبع الكثير منا إيرادي أو لا إيرادي الحكم على الأشياء والأشخاص من الانطباع الأول أو التجربة الأولى وغالبا ما يكون الانطباع الأول راسخ ويصعب تغييره إلا ببراهين وحجج مقنعه حتى نبدل انطباعنا الأول. وفي أيامنا الحالية بدأت المساحة لتكوين الانطباع الأولي تضيق أكثر فأكثر فالتعبير أصبح ب140 حرفا والمقطع المصور لا يتجاوز 10 ثواني واللقاءات لا تطول لذلك مساحة ترك الانطباع الأولي أصبحت أكثر حرجا حتى في التوظيف وفي جانب الاستثمار أصبحت تتطلب أداء متفوق ملفت حتى يستطيع مدير الاستثمار شد الأنظار إليه وبالتالي استقطاب المستثمرين ليكونوا جزءا من منظومته الاستثمارية.
نحن في المملكة العربية السعودية لنا كأفراد بنينا تجاربنا الاستثمارية عبر المنتجات المقدمة لنا من بنوكنا المحلية لسنوات طويلة قبل أن تنطلق هيئة السوق المالية السعودية في المملكة وتبدأ في تنظيم شركات الاستثمار ومنتجاتها ومراقبتها لا شك وقبيل انطلاق الهيئة وتحديدا مع التحرك القوي للسوق المالي السعودي في العام 2003 بعد أن تم إدراج شركة الاتصالات السعودية إلى السوق بعد انقطاع طويل عن الادراجات الجديدة أو الخصخصة كانت الخطوة الأولى التي بدأ المجتمع يهتم فيها بالمنتجات الاستثمارية وبدأت تنطلق صناديق استثمارية تدار محليا وبعد أن كنا نعتمد على بيوت الخبرة العالمية في إدارة الأوعية الاستثمارية للمستثمرين المحليين أصبحت لدينا شركات وكوادر محترفة بتشريعات عالية تدير هذه الاستثمارات.
تعمل صناديق الاستثمار كأوعية استثمارية تخدم الهدف الأساسي الذي أطلقت من أجله إما تنمية رأس المال أو تحقيق عوائد أو دخل وتوضح تغطياتها الجغرافية من حيث الأسواق التي تستثمر فيها هذه الأوعية ترتبط بحدود من حيث الأوزان للمراكز والنسب التي من الممكن أن يحتفظ فيها بالنقد وجميعها هذه النقاط يتم توضيحها في نشرة الطرح الخاصة بالصندوق الاستثماري, وليس هذا هو سبب كتابة هذا المقال.
بعد انهيار سوق المال السعودي في فبراير 2006 شكلت الصناديق الاستثمارية السعودية أولى انطباعاتها ذات الطابع المر بحجم التراجع الكبير الذي شهدته هذه الصناديق وهذا الانطباع استمر حتى يومنا الحالي قد يغيب عن أذهاننا أن هذه الصناديق هي أدوات استثمارية ادخارية تبنى وتوضع سياساتها للاستثمار طويل المدى وعليه فإن مشتركي هذه الصناديق يصعب عليهم ملامسة الأثر على مدخراتهم إلى بعد مضي عدد من السنوات لا تقل عن 3 سنوات على أقل تقدير حتى يكون الأثر ملموسا ونحن في بداية عام مالي جديد بالإمكان متابعة أداء الصناديق الاستثمارية للسنوات الثلاث أو الخمس الماضية لمعرفة نتائجها بالمقارنة مع أداء مؤشراتها الاسترشادية فقد يكون البحث في قائمة الصناديق هو السبيل الأهم والأوحد لإيجاد برهان يثبت أن الانطباع الأولي على هذه الأداة الاستثمارية يختلف عن حقيقة الأرقام الحالية لأغلبها حيث إنه رغم الظروف الحالية للأسواق تمكن عددا ليس باليسير منها من تجاوز عائد بين 40% و 50% للسنوات الثلاث الماضية خصوصا بعد أن وضعت الهيئة التشريعات ولعبت دورها في الرقابة والتفتيش, وفي الأخير هذا لا يلغي دور المستثمر في البحث والتدقيق في المجال الاستثماري المستهدف جغرافيا وهدفا حتى يستطيع تحقيق أفضل عائد ممكن من هذا الاستثمار أو الادخار.