ثامر بن فهد السعيد
تماشيًا مع أهدافه السابقة في النمو الاقتصادي وتنامي ثقة المستهلكين وانخفاض مستويات البطالة والتضخم في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد آخر من المؤشرات الاقتصادية التي استمر الفدرالي الأمريكي والمجتمعات الاقتصادية الدولية في مراقبتها عن قرب منذ بدايات التماس التحسن الاقتصادي العالمي مع اشتداد المراقبة اللصيقة منذ أن توقفت ماكينة الضخ الكبرى منذ الأزمة وهي التيسير
الكمي والذي استمر على 4 مراحل حتى انتهى في وقت سابق من العام الحالي 2015.
وبعد اجتماع استمر ليومين متتاليين انتهى مساء الأربعاء بتوجه الفدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة بـ 0.25 بعد أن بقيت مثبتة منذ الهاوية المالية الكبيرة (الأزمة المالية 2008) وكان آخر تحريك لها قد تم في العام 2006.
هذه الخطوة من الفدرالي الأمريكي تم تأجيلها إلى نهاية العام الحالي بعد أن كان مقرراً نقاشها في الاجتماع الذي سبقه، قبيل أن تقوم الصين بخفض عملتها بنسبة جاوزت 5.5% مما جعل الفدرالي يؤخر النظر في رفع الفائدة حتى شهر ديسمبر.
اتجهت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» مباشرة بعد أن أعلن الفدرالي قراره رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس بـ 25 نقطة أساس لتبلغ 50 نقطة أساس، وأبقت المؤسسة اتفاقيات إعادة الشراء عند 200 نقطة أساس دون تغير، وبحكم ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي كان التحرك من مؤسسة النقد العربي السعودي مترقبًا كما هو الحال المرتقب لبقية الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي بشكل مباشر, إلا أنه يحسب لـ»ساما» أنها استشعرت دورها مبكرًا في التنويه عن الأثر المتعلق بتغيير سعر الفائدة على القطاع البنكي المحلي عبر الأبحاث التي أجرتها فكانت النتيجة التي توصلت إليها أن أي زيادة في معدلات الفائدة يقل عن 1% هو ذو أثر إيجابي على القطاع البنكي، حيث إن ما تحصله المصارف من العملات الخاصة جراء ارتفاع الفائدة أعلى من الزيادة المتعلقة بتكاليف التمويل, لكن أثر تنامي المخصصات أو زيادة القروض غير العاملة سيكون ملحوظا حال تجاوز أسعار الفائدة مستوى 1% خصوصاً لتلك القاطعات التي لا تتميز بهوامش ربحية مرتفعة ولا يمكنها تمرير جزء من هذه التكاليف إلى المستهلك النهائي, وبما أننا في إطار الحديث عن القطاع البنكي فإنه من الوارد جداً أن تسجل البنوك نمواً في منتجات الخزينة لديها لتدعم ربحية القطاع، خصوصا وأننا نمتلك منتجات خزينة مبتكرة لدى بنوكها المحلية.
وبطبيعة الحال عندما يقوم الفدرالي الأمريكي بتحرك فإن هذا التحرك سيكون ملموساً لدى جميع الاقتصاديات العالمية والقطاعات التجارية، فجميع السلع والمعادن يتم تقييمها بالدولار الأمريكي، كما أنه العملة الاحتياطية الأولى عالميًا. أما محليا فإن أثر متابعة «ساما» للفدرالي في تحريك أسعار الفائدة سيظهر على مستويات التضخم في البلاد وبجانب ذلك فإن عمليات الإقراض ستكون أعلى تكلفة من قبل، ولعل الأثر الأكبر على تكلفة الدين والقروض سينعكس على الأعمال التجارية والشركات، سواء المدرجة وغير المدرجة منها ولأن الشركات المدرجة في السوق المحلية تمس شريحة عريضة من الأفراد والمؤسسات فمن حق المستثمرين أن يطلعوا على وجهة نظر الشركة جراء هذه الخطوة التاريخية، خصوصاً وأننا في السوق المالية اليوم نتداول 7 إصدارات من الصكوك جميعها يرتبط بأسعار الفائدة لتسعير الكوبون.
وكذلك لا ننسى الأثر الذي سيظهر على نتائج الشركات وصافي أرباحها، فمن الضروري أن توضح الشركات هذا الأثر على الأرباح وفوائد خدمة الدين. أما الأفراد ولكون أن الحاجة بدأت تكون أكبر من السابق فيما يخص التمويل والقروض فإنه لا يعتقد أن تلمس تغير أسعار الفائدة حجم النمو في المحافظ الإقراضية وإنما يأتي الخطر مباشرة من تنامي احتماليات التعثر المحتمل.