د. فوزية البكر
خلفتنا سنة 2015 بالكثير من القلاقل والمشكلات السياسية والاقتصادية والبيئية التي لم نضعها بحجمها الذي حدث في الحسبان إذ لم يتصور السعودي على سبيل المثال ان سعر البترول قد يقل عن 60 دولارا لكنه اليوم وصل إلى حدود 37 دولارا فقط وقد يسقط إلى أكثر من ذلك مما يعني ليس فقط شد الأحزمة بل التخلي عن الحزام والملابس الفاخرة نهائيا وإلى غير رجعة.
ليس هينا على أحد تغيير طريقته وأسلوب معيشته خاصة حين يشعر بالعجز عن فهم ما يحدث باعتباره خارج اللعبة، لكن هذا لن يوقف العجلة عن الدوران وعلينا فقط ان نكون مستعدين للتعامل مع نتائج الاحداث وتغيير ما يمكن تغييره، خاصة وأن الكثير مما كنا نعيشه لم يكن صحيا بالضرورة أوانه كان انعكاسا براقا لصور مزيفة (مرة أخرى كنا نعيش قصة الكهف وظلاله لأفلاطون؟!).
من هنا وبدل عتب الذات والمحيط لنفكر خارج الصندوق في ما يمكن فعله لا عطاء العالم فرصة للتنفس بدل الاختناق ولنذكر على سبيل المثال:
- لنتعلم كيف نفكر في إطفاء الانوار في المنزل والعمل بدل ترك الغرفة مضاءة دون شعور بالذنب.
- السعودية تستورد ضعف ما تحتاجه من الأرز؟ بمعنى ان ما تتطلبه الولائم من كميات رز هائلة تطبخها بشراهة مطاعم المطبخ السعودي في كل المدن هو ما يحتم هذا الاستيراد الذي لا نحتاجه لكنها العادة الاجتماعية المتبقية من أيام الفقر حيث كانت الناس بحاجة إلى ان ترى أطعمة كثيرة فهي دليل ثراء المرء أو فقره لكن هل نحتاج هذا الرمز الاجتماعي وبهذه الشراهة في وقتنا الحالي؟
- عنوسة الفتيات ترتفع بشكل لافت للنظر: أتأمل الجامعة والمستشفى والجيران والبنك في قطاعاتها النسائية وأرى زهرات في عمر الورود وتتوافر فيهن كل شروط المرأة المتعلمة العفيفة لكن الرجال غير موجودين؟ هل هذا هو الأمر؟ أم ان المجتمع تغير في عدد سكانه وتعليمهم وفرص معيشتهم وعجز عن تنمية الوسائط الاجتماعية التي تتيح لقاء الراغب بزوجة المستقبل إضافة إلى تعقد شروط الزواج وضيق دائرة الاختيار بفعل الدوائر الاجتماعية المغلقة التي على الطرفين «ذكر وأنثى المرور عبرها قبل الاختيار سواء من حيث شروط القبيلي والخضيري أو من ذات القبيلة او ذات المنطقة. لماذا لا نوسع دائرة الاختيار ونعمل على نشر القبول والتسامح لكل من نرضى دينه وخلقه ونحن أخيرا نعمل بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (سورة الحجرات). فهل نحتاج إلى دافعية أقوى من ذلك؟
-قيادة المرأة للسيارة ملف ممل و (غثيث) كما يقولون والأمر اليوم لا علاقة له بالحقوق النسائية او بتحسين صورتنا أمام الغرب أو أي شيء من هذه الحجج. الأمر ببساطة ان المرأة: كل امرأة لا تستطيع ان تتحرك من نقطة ألف إلى نقطة باء إلا بواسطة سيارة خاصة ومدننا وحتى ضواحينا و قرانا شاسعة وممتدة ولا توجد شبكة مواصلات عامة فما هي الحلول؟ ومع توسع قاعدة المهن التي يمكن للمرأة ان تعمل بها خارج المهن التقليدية المعروفة مثل التدريس صار لزاما على المرأة أن تتحرك أكثر طلبا للرزق أو التدريب او العمل الخاص الخ.
انا فقط أطلب من كل رجل ان يتنازل عن مفتاح سيارته لمدة أسبوع ويجرب المعاناة والمذلة التي نعيشها. علينا فقط ان نترك الأمر للناس ولخياراتهم الذاتية ونعطي المرأة حقا واضحا وصريحا للقيادة فمن ترغب تفعل ذلك ومن تجده غير مقبول فعليها البقاء في ظل قناعاتها. فقط امنحوا الناس الخيار.
- قضية الولاية على المرأة هي من أكبر المعضلات التي تعاني منها النساء هنا وفي الحق فهو أقرب إلى الكفيل منه إلى أي شيء آخر ولاحظوا العمالة الأجنبية فهي لا تستطيع التحرك إلا بإذن الكفيل والأمر نفسه مع المرأة التي لا تستطيع التقدم لتعليم او عمل أو جواز سفر وخلافه الا بإذن الكفيل (عفوا: الولي!).
- البيئة ثم البيئة ثم البيئة.. عنوان كبير يتم تداوله كلفظ لكن ممارساته الميدانية ضعيفة جدا لأن المفهوم غير واضح في معظم الاذهان. البيئة تعني احترام نقطة الماء والوعى بما نملك أو لا نملك منها، تعني عدم استهلاك كل هذه البلاستيكات المخيفة التي لا يتوانى أي سوبر ماركت من تعبئة حوائجك بها دون ان نفكر بتأثيراتها المدمرة علي البيئة والى الحد الذي لم تعد المدن الحديثة سواء في نيويورك أو فينا أو برشلونه تعطي هذه البلاستيكات بالمجان وعليك دفع ثمنها إن أردت مما يقلل من استخدامها ويؤكد على إعادة الاستخدام. فهل يحفزنا هذا العام على أن نبادر: على الأقل بما نستطيع في وجه ما لا نستطيع؟؟
البيئة تعني القدرة علي أن نتمكن فيما لو اضطررنا من أن نعيش مما نزرع وننتج محليا. لدي دولة صغيرة مثل بورتوريكو التي تقع تحت مظلة العلم الأمريكي القدرة علي ان تعيش أسبوعين كاملين دون أي مساعدة من الخارج فيما لو حصل أي طارئ.. لا أعرف بالأرقام فيما إذا فكرنا أصلا في ذلك رغم ان منطقتنا تضج بالحروب والكوارث المحتملة؟؟؟
البيئة تعني عدم تجفيف الآبار وعدم إتلاف المحميات والحدائق أي ان نعتبر الشارع والحديقة والمسجد والمكتبة بيتا آخر علينا ان نحميه ونعتني به مثل عنايتنا بممتلكاتنا الخاصة فكيف نوقظ هذا الشعور خلال العام 2016؟