ناهد باشطح
فاصلة:
((من سار راكبًا حصان سواه لا يستطيع ركوب الحصان ساعة يشاء))
- حكمة إسبانية -
في بدايات كل عام تنشط وسائل الإعلام في نشر الاستفتاءات والاستطلاعات لتحديد الأفراد المؤثرين في المجتمع من عجائب الاستفتاءات في عالمنا العربي أنها تقدم خلطة عجيبة للأشخاص مهما صنفت المجالات أو التخصصات إِذ إن ضياع المصداقية يتضح في غياب المعايير للاختيار وفي الاعتماد على المعلومات المتوافرة دون بحث وتقصٍ.
ويقاس على ذلك اختيار الشخصيات لمنحها الجوائز في مجالات متعددة إذ إن لجنة التحكيم لا يوجد بها معايير محددة على ضوئها يمكن اختيار الشخصية المناسبة للقالب المناسب.
وأيضًا استخدامنا لكلمة «أول» التي في مجتمعنا تتداول كثيرًا في وسائل الإعلام في الحديث عن إنجازات النساء وتزخر بها كثير من السير الذاتية.
والمعيب ليس استخدام كلمة أول لوصف الأسبقية وإنما في المصداقة التي لا تستند على معايير واضحة وإنما يشفع للمعلومة تكرارها وكل من ينشر يتبع سابقيه ولا يُسأل عن المصداقية أن ما ينشر في وسائل الإعلام كمعلومات لا يعتمد عليه كمراجع في البحوث العلمية ذلك لأن خاصية التوثيق لا تتوفر في وسائل الإعلام بالشكل المطلوب في ظل عدم توفر الكوادر المهنية.
والتطور المعلوماتي والإعلام الجديد وفر الكثير الكثير من المعلومات والوثائق التي لم تكن من قبل متاحة نتيجة لسلطة الرقيب في وسائل الإعلام التقليدي فزاد من كم المعلومات. لكن هذه المعلومات تظل غير قادرة على التأثير الحقيقي ما لم تتحول من مواد وسيطة إلى مواد نهائية ذات قيمة للفرد والجماعة والمؤسسة، أو كما يرى الكاتب «محمد السيد سعيد» في وصفه لمصطلح المعلومات بأنه مصطلح غامض فليس هناك معلومات خام تسير من دون منظومة فكرية ما - أما المعرفة فهي منظومة من البيانات ذات دلالة ومعني، لأننا لا ننشد المعلومات بذاتها وإنما لما فيها من دلالة ومعني» لذلك لم تعد هناك قيمة حقيقية للمعلومات المتدفقة عبر وسائل الإعلام فقد ظلت أشبه بالمواد الخام حين عجز المهني في تحويلها إلى معرفة.