د. خيرية السقاف
عند حافة المنحدر المطل على شارعنا الصغير..
عند جذع الشجرة التي كان جارنا يغفو إليه في قيلولة ماتعة..
عند ركن كانت تتجمع فيه أصداء أصوات نساء الحارة ينادين الصغار أن يأووا للبيوت
عند الغروب هرباً من «الحائمين»..
عند التراب الذي لم يشتك يوماً وخز حجارة الصغار يرسمون بها المربعات،
والمستطيلات،
ويقفزون بقدم دون أخرى على جبهته..!
عند وعود المارة المتعارفين للقاء في الدكاكين لاحتساء أقداح الشاي ..
عند أبواب تطل على دهاليز مفعمة برائحة المستكة،
تحت نوافذ تومض بأطياف الساكنين..
هناك
لم يبق أحد، !
لا منحدر، ولا شجرة..
لا ركن، لا صدى..
لا صغار، لا رسومات، ولا دعسات..
لا متعارفين، ولا وعود، لا أقداح شاي..
لا دهاليز، لا أبواب، لا نوافذ، ولا أطياف..
اختفى كل شيء،!!
حتى ملمح الظل في انعكاس ضوء القناديل..
حتى دفء السِّتْـر في ملمح الحي..
حتى زخم المستكة في السعة..
عربات عربات!!
بجنون تمرق، تدعس كل شيء..
تدفن كل شيء..
تلاشى كل شيء..!!
اختفى عبق المستكة..
وأبواب البيوت المشرعة..!!