د. خيرية السقاف
لا أحسب أن إرث وزارة الصحة يتحمله وزيرها الجديد أبدا، ولا يُرضي أحدا أن يبوء شخصيا بوزر حريق مستشفى جيزان، حين يتصدى بثقة لتحمل هذا الوزر..
بل هو غير مسؤول عن أي خلل قائم، وموجود كعدم قدرة استيعاب المصحات العامة لجميع المرضى، وضعف الإمكانات الطبية، وسوء الخدمات، وخلل التجهيزات،
بلى، هو غير مسؤول عما، وعما، وعما، فإرثه ثقيل ثقيل كي ينقى يحتاج للكثير الكثير حتى من الوقت..
فالواقع يؤكد أن المسؤول الأول عن ثقل إرث مؤسسة الصحة الأولى هو كل من سبق أن رأس وقصَّر، ومن يُباشر ويغفل، ومن يدير ويتهاون..، بل كل من شارك في خفايا التجهيز، والإشراف، والتمويل، والتنفيذ، والإدارة..!
معالي الدكتور الوزير الفاضل خالد الفالح وقف بأريحية، وصدق الرجل الصادق مع دوره وموقعه، «دق صدره» ملقيا بالمسؤولية الأولى عليه ذاته، بينما الحقيقة تقول إنه حتى الآن بريء من إرث وزارة الصحة، ونكبة مستشفى جازان.
هذا الإرث الذي بدأ للعيان، جاء الشاهد عليه حريق هذا المتشفى. بل معاناة المرضى في كثير من المصحات الكبرى من مماطلة المواعيد، وعنجهية الكادر الصحي، والحاجة إلى بذل المهدر من جهد المريض كي يتمكن من الموعد الأقرب للكشف، أو حتى السرير المتاح لتنويمه، وتكدس المرضى في حجرات ضيقة، بل عدم كفاءة العديد من الطوارئ بما يليق بميزانيات الوزارة السابقة..
فهذا الإرث لم يستطع حتى الآن أن يجعل صحة الفرد أول مهامه، مما حدا بالمرضى للاتجاه إما إلى المصحات الأهلية، أو إلى الاستجداء بالشفيع ..
هذا الإرث وسَّع المجال للتطبب في تلك المؤسسات الصحية الأهلية، وهي تتنافس في قصم ظهر المرضى بتكاليف العلاج بشتى السبل، إذ تستنزف إعداداتها الفندقية ما تعوضه فيما يبدو عند خدماتها من المرضى، ناهيك عن تنافس الأطباء أنفسهم فيها على المرضى، ورفع نسب العائد لهم من النسب التي يأخذونها من تقدير تكاليف علاج الفرد المريض !!
هذا الإرث ينوء بثقل القصور، والتراجع في إمكانات مصحاته، وعناصرها البشرية وأبنيتها، وأجهزتها، وأسِرَّتها، ومواعيدها، و..و..و..
فليمدد الله بعونه وتوفيقه هذا الرجل الإداري القدير، الذي شهد له بجدية العمل، وبمكاسب النتائج عمله السابق رئيسا تنفيذيا لأرامكو ،
فاللهم هيء له البطانة الصالحة، واكشف له الحقائق، وأعنه على الترميم، والرتق..
ولا أحسب أن مؤسسته بين غمضة عين وانتباهتها ستقضي على الفساد، وتجلي الطمي، وإنما هو بحاجة إلى تعاون، وصبر، وصدق، وإخلاص، وصدور تكتنف الضمائر اليقظة، بعزيمة للعمل معه بجدية، وتفان.
ستتجاوز مؤسسة الصحة الكبرى إرثها الثقيل حين يقف معه كل من يتنفس يشهق حسا يقظا، ويزفر مسؤولية وعملا في في كل مصحاتها، وإداراتها، بكل طواقمها المختلفة ،
حينها سيكون ميسرا له أن ينهض بمسؤولية التطهير والتجديد ، فتنساب المصحات بمسؤولية تطبيب الفرد في المجتمع كما ينبغي.
فأعينوه وأصدقوا..
وأعينوه وأخلصوا
وأعينوه ورمموا..
ونعينك بالدعاء، والكلمة.