د. محمد عبدالله الخازم
جازان الفل والكادي أحد أهم مناطق بلادنا الغالية، تشكل إضافة كبرى في تنوعها الثقافي والحضاري والاقتصادي، وتقف على ثغر من ثغور بلادنا في حده الجنوبي، وتستحق أن نكتب عنها كما نفعل تجاه مناطق أخرى من بلادنا. جازان مرت بأزمات صحية عديدة، على مدى سنين؛ الملاريا، الوادي المتصدع، حمى الضنك وغيرها. إضافة إلى أنها عانت من ضعف وتواضع الخدمات الصحية مما قاد إلى حدوث أخطاء ومشاكل طبية كارثية بها كانت ومازالت مثار الاهتمام الإعلامي والمجتمعي على مدى سنين وآخرها حريق أحد مستشفياتها قبل أيام. وبسبب موقعها على الحد الجنوبي ومشاكلها الصحية حظيت بزيارات مكثفة من قبل وزراء ومسؤولي الصحة على مدى سنوات، وآخرها زيارة معالي المهندس خالد الفالح ونوابه لها قبل فترة قصيرة.
سكان بعض المناطق ربما حسدوا أهل جازان على كثرة زيارات المسؤولين الصحيين لهم وتكرار الوعود الإعلامية، أما أهالي جازان فيرددون؛ ماذا نريد بتلك الزيارات إذا كانت لا تضيف غير الوعود لجازان؟.
وللتأكيد على أن جازان لم تحصل سوى على الوعود، والاستعراض الاعلامي بمشاكلها الصحية هذه بعض الأرقام كما جاءت في تقرير وزارة الصحة الأخير، وقد كتب مقدمته معالي المهندس خالد الفالح وزير الصحة...
عدد سكان جازان 1,533,496 نسمة وعدد أسرتها 13,4 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة ولمقارنته بمناطق صغيرة أخرى نجد على سبيل المثال أن منطقة الحدود الشمالية عدد أسرتها 28 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة ومنطقة الجوف عدد أسرتها 38,9 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة والباحة 24,4 سريرا لكل عشرة آلاف نسمة والقريات 29,6 سريرا لكل عشرة آلاف نسمة.
ليس النقص في عدد الأسرة مقابل السكان فقط، بل في عدد الأطباء العاملين على تلك الأسرة بما يؤكد أن مستوى الخدمة متواضع، أيضاً. على سبيل المثال عدد الأطباء بجازان لكل مائة سرير يبلغ 69,7 طبيبا بينما هو 172,5 في القنفذة و86,8 في المنطقة الشرقية و82 في المدينة المنورة و83,9 في مكة.
وكذلك في عدد كادر التمريض حيث نجد عدد التمريض مقابل كل طبيب بجازان 230,9 ممرضا/ ممرضة، وفي الرياض 265,7 وفي القريات 330,7 وفي مكة 236 وفي القصيم 300 ممرض/ ممرضة.
جازان لا يوجد بها مركز قلب ولا يوجد بها مركز أورام لا يوجد بها مختبر اقليمي، وغير ذلك من الخدمات المتخصصة، رغم بعدها عن المدن الكبرى وحجم سكانها.
الأرقام أعلاه تخص وزارة الصحة، وجازان لايوجد بها مستشفيات لقطاعات أخرى كالقطاعات العسكرية أو التخصصية لتعوض بعض النقص، كما يحدث في المدن الكبرى. وحتى القطاع الخاص بها يعتبر متواضعاً في حجمه حيث عدد أسرته 250 سريرا فقط، مقارنة بأسرة القطاع الخاص بالرياض والتي تبلغ 4554 سريرا وبجدة 3109 أسرَّة أو الشرقية 3547 سريرا. طبعاً الصحة هي المسؤول الأول عن صحة المواطن وبقية القطاعات تشكر إن هي ساهمت في الخدمات الصحية.
طبعاً وزارة الصحة لا تشتكي نقص الأطباء وهي التي توظف بديوان الوزارة على أعمال إدارية 348 طبيباً، منهم 217 طبيباً غير سعودي، وإنما هي تعاني أزمة إدارة لمواردها. أرجو أن يتوقف مسؤولو وزارة الصحة عن زيارة جازان ما لـم يكـن هناك تغيير وفعل حقيقي لتطوير الخدمات الصحية بجازان. أهالي جازان يفرحون بزيارة المسؤول وهم أهل الكرم والمحبة، لكنهم كلما أفاقوا من فرحة زيارة من الزيارات وجدوها أشبه بالمسكن الإعلامي، بما تحمله من وعود لا تتحقق في أرض الواقع. وكلما توقعنا تحسن الحال نفاجأ بكارثة طبية كبرى بجازان الحبيبة.
اخترت جازان في وقت حزنها وحزن الوطن على حريق أحد مستشفياتها. لكنها ليست الوحيدة التي تعاني وهناك تفاوت واضح في توزيع الخدمات الصحية على مستوى مناطق المملكة، تفضحه التقارير كل عام ونرجو أن يشعر به مسؤولو الصحة.