إبراهيم بن سعد الماجد
اتجاه قوي لدى الدولة في تنوع مصادر الدخل، وعدم الركون إلى النفط كمصدر دخل شبه وحيد نعتمد عليه فيما يزيد عن 80% من ميزانية الدولة.
توجه جاد أطلقه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تُشارك فيه كل الوزارات والجهات الحكومية، بغية الخروج برؤية شاملة تحقق الأهداف التنموية التي تنقلنا من دولة تعتمد على النفط بشكل تام إلى دولة يُعد النفط مصدرا
من ضمن مصادر دخلها المتعددة.
هذه المقالة أكتبها استجابة لدعوة الأمير محمد بن سلمان عندما قال في ورشة عمل التحول الوطني، إننا جمعناكم اليوم من أجل أن نسمع آراءكم ومقترحاتكم،كلمة سموه كانت شفافة وصريحة إلى حد الإدهاش، فقد نقد سموه الوضع القائم بكل صراحة، وبدأ بالوزارة التي هو على قمة هرمها، مما يؤكد على أن هذا المشروع - التحول الوطني - لن يكون حبراً على ورق، وإنما سيكون مشروعاً وطنياً نافذاً سيلمسه المواطن في كل مفاصل حياته.
تنظيم هذه الورشة التي كان حضورها متنوعاً من وزراء ومدراء عامون وكتاب ورجال أعمال، يوحي بأن سمو الأمير محمد بن سلمان وفريق عمله يسعون إلى أخذ أكبر عدد من الآراء، وسماع أكثر من وجهة نظر في هذا الشأن المحلي الغاية في الأهمية.
من المعلوم أن الثروة الحقيقية لأي وطن هم شبابه، شبابه العاملون لا العاطلون، لذا فإن التحدي الأكبر هو كيف نجعل من هؤلاء الشباب شركاء فاعلون منتجون لا عاطلون؟ أعتقد أن ذلك ليس بالأمر الصعب، لكنه في نفس الوقت ليس بالأمر السهل، إننا إذا عملنا على برنامج ثقافي معرفي لنقل هؤلاء الشباب من فكر إلى فكر آخر سيجعل منهم خلال فترة وجيزة يتسابقون إلى ميادين العمل المنتجة فعلاً، لا إلى ميادين البطالة المقنعة.
سأطرح في هذه المقالة بعض ما أرى أهميته، وإن كان الأمر أكبر بكثير من طرح عبر مقالة، ولكنها الأفكار تُجمع فتنتج عملاً له أثره الفاعل.
في اعتقادي أن من أهم مصادر الدخل التي ربما تحدث تغيراً نبش تراثنا الذي كان هو الدخل الوحيد لسكان هذه الأرض قبل النفط، يختلف الوضع الآن كوننا سنتعامل مع هذا التراث بشكل استثماري يملك أدوات لم تكن متوفرة لدى أسلافنا، وهذا التراث الذي ربما أسميه التراث الاقتصادي يجب أن يكون معتمداً على شباب الوطن 100% لكن إن تحول إلى الاعتماد على الغير فهو كما يقول المثل (كأنك يابو زيد ما غزيت).
في ملتقى التراث العمراني الخامس الذي أقامته هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة القصيم منذ فترة قريبة شاهدنا مشاريع مستقبلية تسعى الهيئة إليها بكل جديدة كلها أو جلها تصب في تحقيق مداخيل قوية لشباب الوطن، في غالبيتها تعتمد على الشباب اعتمادا أساسيا كونها نشاطات حرفية بحتة، لا أعتقد يوجد تحد لتنفيذ هذه المشاريع إلا تحدٍ واحد ألا وهو تهيئة البنية التحتية لتنفيذ هذه المشاريع وهو تحدٍ بسيط، وربما تحتاج هذا المشاريع التراثية إلى إقراض لتنفيذها وفي علمي أن هذا الأمر مأخوذ بالحسبان لدى الهيئة.
في هذا السياق أعتقد أن من أهم الأمور التي العمل عليها سيحقق تنوعاً مهماً في مصادر الدخل هو الاهتمام بالشباب المخترعين والمبتكرين بعيداً عن البهرجة الإعلامية التي لم تخدم هؤلاء الشباب طيلة عمل مؤسسة موهبة، وأعتقد أن تحويل هذه المؤسسة إلى مؤسسة فاعلة يديرها الشباب أنفسهم سيحقق نقلة نوعية في اقتصاد مختلف، الوطن في أمس الحاجة إليه، الوطن ليس في حاجة إلى احتفالات عالمية يُنقل إليها شبابنا والنتيجة لا شيء !! الوطن في حاجة إلى أن يكون هؤلاء الشباب بأفكارهم داخل وطنهم يعملون مع فريق من الشباب نفسه يساعدهم جهاز حكومي فاعل يلبي متطلباتهم ليلبوا حاجة الوطن في نتاج حقيقي يرفع من اقتصاد الوطن ويحقق لشبابه طموحاً هم من يصنعه، سئمنا أخبار التفوق الذي ينتهي بنهاية آخر صورة تُلتقط، وسئمنا أخبار الاختراعات التي آخر تقدير وعون للمخترع ساعة نشر خبره في الإعلام، مخترعون كُثر لكنهم بكل شفافية وصراحة لم يجدوا من المؤسسة المعنية برعايتهم أكثر من صورة تُنشر هنا أو هناك، أو رحلة أوربية أو أمريكية تُلتقط خلالها الصور وتُنشر العبارات وتدبج الكلمات، وفي النهاية عودة للوطن ونسيان ما حصل!!
من وجهة نظري أن أكبر تحول ممكن أن نعمل عليه ويكون فاعلاً ومؤثراً هو العمل على أفكار الشباب ودعمهم الدعم الحقيقي، لا دعم البهرجة و(السوالف) كما يقال، إن كنا نريد تحولاً ينمو باستمرار فعلينا العمل مع ومن أجل الشباب، بدءا من الشباب الحرفيين وانتهاء بالشباب المخترعين.
يجب أن لا نستهين بأفكار الشباب، بل يجب أن نفتح لهم الأبواب على مصراعيها ليلجوا عالم الأعمال ونحن كمؤسسات دولة من خلفهم ندعمهم ونسهل عليهم عبور هذه البوابات لا أن نكون حجر عثرة بأنظمة بالية تعيق الحركة لا تحررها.
أعلمُ يقيناً حرص الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله - على الشباب تحديداً وإيمانه بدورهم في بناء دولتهم، لذا فإنني على يقين بأن - التحول الوطني - سيكون شبابياً أكثر من أي شيء آخر، ولكن علينا أن نعمل على أن يكون ذو أثر بالغ في مسيرتنا التنموية وأن يكون عام 2020 هو عام النقلة النوعية لوطننا في اقتصاده وكذلك في فكره الاقتصادي.
والله المستعان.