إبراهيم بن سعد الماجد
تفتح عينيك وتنظر في هاتفك الذكي الذي أصابك بالغباء, تقرأ فاجعة هنا ومصيبة هناك, تحوقل وتسترجع وتعود لمحاولة إكمال نومك, هذا إن كنت من أصحاب القلوب شبه الحيَّة, أما إن كنت من أصحاب القلوب الميتة فإن مصائب القوم عندك فوائد, تحاول أن تكون من أوائل الذين يبشِّرون الناس بها وكأنك أحضرت كما يُقال رأس غليص, بالصاد في قول وبالسين في قول آخر, تُفاخر بأنك (جبت الخبر)!! يا لها من عقول مريضة, وقلوب ميتة!
ظاهرة مؤلمة أن يتسابق الناس على نقل الأخبار السيئة وكأنها بشائر (وسمي) أصاب مرابع القوم!!
سقى الله أيام كان الناس يحاولون دفن الخبر السيئ أياماً وليالي كون كل إنسان لا يريد أن يكون بشير شر وسوء, أما في عصر الآلة الذكية والإنسان الغبي فقد تغيَّرت المعايير, وانتكست الفطر, فصار نقل الشر هو الأسرع, بينما الخير لا يجد عشر اهتمام ما يجده الخبر السيئ.
تقنية مقيتة في كثير من تفاصيلها, تدمّر أكثر مما تعمّر, استغلت لابتزاز مسؤول ولتشويه سمعة إنسان, ولنقل فواجع في غلس الليل وفي نشوة فرح.
هل قرأتم خبراً عن فرحة إنسان, مثلما قرأتم خبراً عن مصيبة آخر؟ هل أعدتم إرسال الخير مثل ما أعدتم إرسال الفواجع والمصائب؟
دعونا من الادعاء ولنقل الحقيقة علناً نخرج بحل للكارثة التي نعيشها مع هذه التقنية وما سببته من مشاكل وإشكالات قلبت الحق باطلاً والباطل حقاً في الكثير من معطياتها, ماذا نقول عن مقطع مبتسر يظهر نصف الحقيقية ويغيّب نصفها الآخر, مما يثير عاصفة من السخط واللغط, وتكون النتيجة عكس ما قيل تماماً!! هل سنعيد لمن أسأنا إليه نتيجة عدم تثبتنا ما أهدرناه من سمعة وما قلناه في حقه من سوء؟ بكل تأكيد لن نفعل.
التثبت مبدأ شرعي قبل أن يكون خُلقاً إنسانياً, كما أن تدخل الإنسان فيما لا يعنيه من مذمومات الأخلاق, وكذلك القول بلا علم في أي أمر من أمور الحياة نُهي عنه بنص قرآني صريح {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
مشكلتنا مع هؤلاء الذين (يطيرون في العجة) أنهم يحسبون أنه يحسنون صنعا!! ولذا عندما تحاول أن تبيِّن لهم الخلل في تصرفهم ويكون الأمر متعلقاً بتقصير مسؤول ما أو جهاز ما يتهمونك مباشرة بعدم الوطنية وموت الضمير!
عندما تصحو مهموماً وذلك نتيجة ما تعج به وسائل التواصل الاجتماعي مما قد أسميه نياحة مستأجرة من هؤلاء الذين تطرب قلوبهم ببث كل ما هو مؤلم للفرد وللجماعة وللوطن, لا تُلام أن يكون يومك نكداً بسبب هؤلاء الذين يتلذذون بتنكيد أيامنا وليالينا علينا علموا أو لم يعلموا.
فضلاً كفوا عن إيذاء وطنكم وأهلكم, لا يكون ذكاء الأجهزة سبباً في غبائكم.
والله المستعان.