أ. د.عثمان بن صالح العامر
لن أتحدث عن واقع تعليمنا اليوم، فالمقاييس الدولية والتقارير الرسمية قالت كلمة الفصل في هذا الشأن المهم والخطير، ولم يبق على المنظرين المختصين، ومن هم في الميدان التربوي الراصدين لحركة التغيير والتطوير في إيقاعها اليومي المتسارع والمتقاطع في آن.. إلا البحث عن الأسباب، ومن ثم وصف العلاج الناجع واتخاذ الخطوات الإجرائية الجريئة لانتشال الجيل من واقع تعليم متردٍّ إلى واقع منافس عالمياً وفعّال محلياً، فالتعليم المؤسس على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، الواثق بما عنده والمنفتح على ما عند الآخر، هو رهان الجيل ، وبه بعد عون الله وتوفيقه نكون أو لا نكون .
لقد تسابق المغردون، وتبارى المستهزئون، وتنافس المرجفون - عبر مواقع التواصل الاجتماعي - في استشراف مستقبل التعليم في عهده الجديد، منذ صدر الأمر الملكي الكريم مساء يوم الجمعة الماضي بتعيين الدكتور أحمد بن محمد العيسى وزيراً للتعليم ، والمتابع والراصد يتعجب من:
* نبرة التشاؤم الغريبة المبنية على الوهم، والمؤسسة على شفا جرف هار.
* سيل النكت والتساؤلات العجيبة التي تشعر القارئ لها ، بأن آخر ما نفكر به في مجتمعنا السعودي هو جودة التعليم ومستقبل أبنائنا الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة.
* التعجل في إصدار الأحكام المستقبلية على التعليم الذي سيقود مسيرته هذا الرجل!!.
ولم يكن هذا- أو ذاك - مبنياً على معرفة شخصية أو دراية تخصصية أو خبرة إدارية أو حس تربوي/ تعليمي متين ، وإنما بناء على السماع أو حتى الإطلاع على ما كتب أو قال الوزير الجديد قبل أن يتسلم هذه الحقيبة الوزارية المهمة ويتسنم أعلى منصب في هرمية هيكلنا التعليمي!!!.
إننا نحن منسوبي التعليم، العالي منه والعام، من تقع عليهم تبعة المشاركة الفعلية في النهوض بالعملية التعليمية، ومساندة صاحب المعالي الذي وثق به ولي الأمر لإصلاح تعليمنا وتخطي العقبات وتجاوز التحديات ، ويكفى الدكتور العيسى أنه:
* رجل تربوي متخصص، وخبير تعليمي معروف، وقيادي ممارس ومحنك.
* كاتب صحفي بارع، طرح ما يؤمن به ويعتقد أن فيه خير الوطن وأبنائه بكل صراحة ووضوح.
* رجل يؤمن أن التعليم رسالة وليس وظيفة.
* إنسان له رؤية استشرافية بينة المعالم، واضحة المضمون، يصرح بها بكل شفافية ومصداقية، ويدافع عنها دون مواربة أو تدليس؛ لأنه يرى أنها لا تتعارض مع الدين ومنطلقات ومسلمات وأسس وقواعد أركان بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية، وهي في ذات الوقت من أسباب تصحيح مسارنا التعليمي.
* يتبنى - من منطلق علمي تعليمي صحيح - تحويل بؤرة التركيز من التعليم إلى التعلم « مركزية المتعلم « وهذه مسألة مفصلية في مسار ميداننا التربوي التابع لتعلمينا العام، بل حتى الأكاديمي في جامعاتنا السعودية، ويعرف هذا جيداً المختصون بالمناهج وطرائق التدريس المتابعون للجديد في النظم التعليمية العالمية.
* يتحدث عن حقوق المعلم مقابل الواجبات الملقاة على عاتقه.
* قادم من القطاع التعليمي العالي الأهلي ، ويعرف البون الشاسع بين الحكومي والقطاع الخاص ، ومن ثم فهو سيسعى لتقليص الفجوة وتقريب المسافة بينهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
إنني في الوقت الذي:
* أبارك للدكتور أحمد بن محمد العيسى الثقة الملكية الكريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه.
* أدعو صاحب المعالي إلى العمل الجاد في ما طالب به من قبل، من وجوب تغيير البنية الأساسية في التعليم، ورفع كفاءة المعلمين، وتأهليهم العلمي والمهاري والمجتمعي.
* كما أتمنى من الأسرة التعليمية أن تكون عوناٍ لصاحب المعالي في مهمته التي وكلها له ولي الأمر، كل في مكانه وحسب جهده ومقدرته.
* وله من قلب محب صادق الدعاء بالتوفيق والسداد، فثمن فشله - لا سمح الله- في مهمته هذه ثمن باهظ ، وفائدة نجاحه وصلاحه وإصلاحه عظيمة عظيمة، وجزماٍ ستدخل كل بيت، وستعانق عقول النشء ذكوراً وإناثاً، وستسهم في رفعة الوطن الغالي وتقدمه، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.