د. خيرية السقاف
كلنا بعد أن نفرغ من أعمالنا نركن لأنفسنا..
منا من تكون متعته في القراءة، ومنا من في الزيارة، ومنا من في التسوّق، أو مشاهدة التلفاز..
وهناك فئة يحبون النوم،.. والنوم الطويل..
حتى إذا ما أفاقوا لم يجعلوا للوقت في خانة اهتمامهم زاوية..،
وهناك من يقضون وقتاً طويلاً في هدر الكلام سواء في الهاتف، أو المشاكسة مع الخدم والأبناء..
وللناس فيما يسلكون بأوقاتهم مشارب، وعادات..
تتوالد ردود الأفعال مما يفعلون، وتتفاوت أهميةً ونتاجاً، أو تبديداً وخسارةً
مرهون عمر المرء بوقته،..
فإن قلنا إنه حين يمضي جزءاً من يومه في وقت عمله،
فإننا نتوقّع أن يكون فيه منتجاً، ومتفاعلاً، وباذلاً، وحاصداً..
أي أنه يحرث زرع هذا الوقت، ويجني مكاسبه،
موقعاً في عمله، ودوراً في مسؤوليته، ومردوداً معنوياً، ومادياً يتكفّل بحاجته..
وإن قلنا إنه في بقية ساعات يومه صاداً، نائماً، فهو يفقد..!
أو صاخباً يتكلم فهو يبدد..!
أو مكبلاً أمام شاشة فهو يهدر ..!
أو كان قارئا، أو زائراً، أو مربياً، حارثاً في قربى، وجيرة، وأهل بيت، ووالدين، وطلب علم، ومساعدة سائل، أو في إعدادٍ لغد فهو يسدد..!
يسدد قائمةً تفند تفاصيلُها دورَه في الحياة..
يسدد حاجة تربة يحرثها لبذور نباتها،
وحاجة خيمة ينصبها لوتد قيامها،
وحاجة مجتمع قريب، أو خارج جداره لعضد يؤسس تكافله..
إن الذين في أوقاتهم لا يفقدون، ولا يبددون، ولا يهدرون، ولا يهددون،
بل يسددون، ويحرثون، ويقيمون، ويبنون، ويرممون، ويسقون، ويشيدون،
هم الذين تحصد بهم الحياة قوةَ قوامِها
وتُسقى تربتها بعذبَها
وتُغذى بثمار حرثهم..!!
فالوقت، الوقت،
إما مقصلة تقطع،
أو وتد يرفع..!!