غسان محمد علوان
كرة الثلج بدأت بالتضخم، وسرعتها ما زالت تزداد يوماً تلو الآخر، ولا يوجد هناك أي تحرك حقيقي لمجابهة الفاجعة المنتظرة والتي ستفتك بما تبقى من كيانات أنديتنا المتهالكة أساساً. تعشمنا خيراً في لجنة الاحتراف وعملها، وقلنا إن الأمور ستنطلق إلى فضاءات الاحتراف الحقيقي الذي من شأنه أن يرينا ثباتاً واستمراريةً وأماناً لأوضاع أنديتنا من النواحي المالية على أقل تقدير. ولكننا وجدنا أنظمة شكلية مرنة جداً وواهنة جداً في إعطاء كل ذي حقٍ حقه.
توجهت الأندية الآن إلى الاقتراض من البنوك، كحلٍ أخير ووسيلة إنقاذ كما تتمنى إدارات الأندية أن تقتنع به جماهيرها. قلناها سابقاً ونعيدها مرة أخرى، الاقتراض هو حل مؤقت لإيفاء التزامات واجبة السداد (حالياً) إما لتفادي حكم قضائي أو لفتح الباب لمزيد من التعاقدات الذي يعني مزيداً من الصرف. وكمحصلة طبيعية لأي اقتراض، فإن حجم الدين الإجمالي يزداد ولا ينقص بسبب الفوائد التي تطلبها البنوك نظير الإقراض، بل ويزداد تكبيل أيادي الأندية بتجميد مستحقاتها الدورية أو مداخيلها من الرعاية التي تعتاش عليها وتسيّر بها أمور النادي اليومية أو الدورية.
مع كل مشكلة لأحد أنديتنا (خصوصاً الجماهيرية منها)، تتعالى الأصوات بالمطالبة بإنقاذ اسم وسمعة رياضتنا عن طريق إعانة ذلك النادي أو ذلك على ستر عورته التي كشفتها ضحالة فكر إدارته أو نظرتها القاصرة لتبعات عبثها المالي، أو أنانيتها في تحقيق منجز ما يسجل لها حتى لو كلف ذلك النادي (ككيان) كل صروف الأذى والويلات.
تحديد سقف أعلى للديون هو أشبه بتحديد مساحة للعبث دون جزاء. فمن أراد أن يغرق ناديه بالديون فليتفضل مشكوراً، ولكن لحدٍ معين فقط!! أدلة إفلاس العديد من الأندية أكثر من أن تعد. والتصرفات الجذرية التي قامت بها أندية أخرى لتفادي الانهيار والإفلاس كبيع النجوم والتوقف عن التعاقدات والاعتماد على شباب النادي أكثر من أن تُحصى. فهل بادرت الاتحادات المحلية لتلك الأندية في تلك الدول (بالفزعة) لها على حساب الأندية الملتزمة بتسديد ما عليها من باب حفظ ماء وجه الوطن، أم أنها اعتنقت مبدأ المساواة واحترمت القوانين وجعلت الكل يعي التزاماته التي أوقعت نفسها بها بمحض اختيارها ونتيجة لقراراتها وآثرت مبدأ الاحترافية الحقة على عبث الهواة؟
ليس أمام رياضتنا سوى حلين لا ثالث لهما إن أرادت أن ترتقي لما تتشدق به من احترافية: فإما تطبيق كامل للخصخصة لتفتح أبواب الاستثمارات الحقيقية أمام الأندية وإداراتها، أو تطبيق صارم للقوانين لا تجعل دعوات المتضررين تتعالى مع كل فترة تسجيل بلا طائل.
وللأسف، كلا الحلين أقرب إلى الأحلام من الواقع كوننا لا نزال نعيش عصر الاحتراف بعقلية الهواة والفزعات.
بقايا...
* عندما لا يكون تأدية الحقوق أولوية قصوى وأشبه بالاختياري، سيستمر الحال كما هو.
* في كل منشأة أصول ذات قيمة عالية، متى ما وقعت الكوارث التي تهدد استمرار هذه المنشأة تبادر إدارتها ببيع هذه الأصول طمعاً في الاستمرارية. أصول أنديتنا هم نجومها، فإما أن تحافظ عليهم باستقرار مادي أو تبيعهم قسراً لإنقاذ النادي.
* القروض البنكية بدأت في الانتشار، ولم يعد الاتحاد وحده من اعتنق هذا الحل.
* بدأت البكائيات الفضائية والتويترية تُؤتي أُكلها.
* ما فعله رئيس النصر خلال مباراة فريقه أمام الشباب أساء له وحده فقط، ولم ينقص من جماهير الليث شيئاً.
خاتمة...
همسة في أذن كل مشجع: متى ما رأيت إدارة ناديك تقترض من البنوك، فتأكد أن أعضاء شرف ناديك لم يقوموا بواجبهم ولم يفوا بوعودهم.