غسان محمد علوان
منذ فترة طويلة ونحن نحث الخطى هرباً من الالتصاق بمنتخبنا. نبتعد عنه حتى نكاد لا نراه، ثم نتساءل بلا مقدمات: أين منتخبنا الذي نحبه ونعشقه، والذي يرفع رؤوسنا في كل محفل؟
الطريقة التي أوصلتنا لما نحن فيه من شقاق مع منتخبنا الوطني مردها إلى جهتين:
الأولى: تبني الإعلاميين حديث المجالس، وجلسات الأنس والتعصب والطرح الفارغ، التي أوصلتهم إلى تسمية المنتخب بتسميات لا حصر لها منطلقين من تعصب أو نصرة لرأي. إعلاميون يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عند انضمام نجوم فريقهم المفضل للمنتخب، ويتهمون القاصي والداني في الاتحاد السعودي ولجنة المنتخبات وحتى الرئاسة العامة بتهمة ضم لاعبيهم بغرض إجهادهم وتسهيل مهمة منافسيهم. فإن لم تتم الاستعانة بلاعبيهم غضبوا وأزبدوا وأرعدوا، وقالوا: هو منتخب الفريق الواحد، ولا يشرفنا مناصرته أو تشجيعه. في كل الأحوال سيجدون لهم سبباً (للحلطمة)؛ كونهم ينطلقون من عقليات ساذجة، لا ترى أبعد من قدميها. والمصيبة الأعظم هي استضافة تلك العقليات تلفزيونياً أو إذاعياً؛ لينثروا سموم تعصبهم على مسامع وعقول الصغار العاشقين لمنتخبهم بالفطرة التي تنطلق من حبهم لوطنهم وشعاره وعلمه؛ فيتأثرون بذلك أيما تأثر، ويكبرون وفي نفوسهم ضغينة على تلك الأشباح الخفية التي تتحكم بالمنتخب، وتجعله تابعاً لجهة ما بعد أن كان جامعاً لكل الجهات.
يجب الضرب بيد من حديد على مثل هؤلاء، ويجب إخراسهم فور شروعهم بنشر ثقافة جاهلة بائسة، لا يتضرر منها سوى المنتخب.
الثانية: تعامل لجنة المنتخبات خصوصاً، والاتحاد السعودي عموماً، مع الحركة الرياضية المشتعلة داخلياً. فهم يفتقرون لمبدأ الحزم في القرارات، ويتأثرون دوماً بما يتم تداوله إعلامياً أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعي. فتراهم يقدمون قدماً، ويؤخرون أخرى في كل موقف. تماماً مثل الطالب الذي يرتعش خوفاً من أستاذه، ويرفع رأسه كل دقيقة في امتحانه؛ ليرى ردة فعل أستاذه. فلا هو الذي أنجز ما طُلِبَ منه، أو حاز شرف التجربة والشجاعة، وإن أخطأ.
يجب على لجنة المنتخبات تجاهل كل الأصوات الساذجة التي يسهل تمييزها عن غيرها، والعمل بكل تركيز على رفعة اسم الوطن عبر منتخبه الذي استحال لمسرح تصفية حسابات وتسجيل نقاط سوداء جديدة في مشهدنا الرياضي.
أعيدوا لنا صفاء الاستمتاع بفريق واحد، منتخب واحد، كجمهور واحد.. فقد اكتفينا تعصباً وحروباً داخلية بسبب ميولنا.
خاتمة..
لكل داء دواء يستطب به *** إلا الحماقة أعيت من يداويها
(المتنبي)