غسان محمد علوان
مهمة سهلة جداً تلك التي أُلقيت على عاتق الإعلام الرياضي، لا تحتاج منه الكثير من التعب والعناء، بل إن كل ما تحتاجه فقط هو الاستمرار على نهجه وعلى فكره وطريقة تعاطيه مع الوسط ليتحقق الهدف المنشود بزيادة الوجه الرياضي قبحاً.
سألت أحد الكتّاب الرياضيين الذين لهم باعٌ طويل في المجال، ويملك من الفكر والغيرة على رياضتنا ما لا يملكه جلّ من نجبر على متابعتهم تلفازياً أو إذاعياً، سألته: لماذا لا تظهر في أحد البرامج الشهيرة، لكي تنقل فكرك لشريحة أكبر، وتكسر روتين التهريج والطقطقة والإسفاف الذي أطبق على أنفاسنا؟ قال لي: كنت أتمنى ذلك حتى صارحني أحد كبار المذيعين الرياضيين بعيبي الكبير وسوأتي التي لا أقوى على إخفائها، فقد قال لي: أنت مثالي!!
كدت أنفجر ضحكاً ظناً مني بأنه قالها مازحاً، حتى استوعبت جديته في الحديث، واستوعبت أيضاً أن هذا الطرح المجتمعي لم يشذّ عن مساره العام على الإطلاق. فلا عجب أن تكون المثالية والبعد عن التعصب المقيت وإثارة الفتن بين الشباب عيباً، ألسنا من نُطلق على المتفوق دراسياً على سبيل السخرية (دافور)، وألسنا من نُطلق على بعض اللصوص لقب (ذيب) لأنه تحايل على النظام واستحوذ على ما لا يستحق في منشأته أو جهة عمله، وألسنا من نُطلق على من يخاف الله ويتجنب المحرمات والمحظورات على سبيل الاستهزاء (صوفي).
فلذلك هانت علي مصيبة صديقي واستطعت بلع عيبه بعد أن قارنته بغيره.
لكي نعرف مدى ضحالة الطرح الإعلامي الحاصل لنقارن بين عدة مواقف حدثت قريباً ومدى التركيز الإعلامي عليها:
- هل تم التركيز على حصول نادي الهلال السعودي على المركز الأول على جميع أندية العالم في المسؤولية الاجتماعية أكثر من تسليط الضوء على مخاطر وتبعات كلمة (جحفلي)؟
- هل تم التركيز على مبادرة النادي الأهلي السعودي في مشروع سقيا الحجاج وخدمة زوار بيت الله العتيق أكثر من تسليط الضوء عبارة (سيدني)؟
- هل تم التركيز على تلك البيانات فائقة الرقي التي تدعو إلى رياضة أنظف التي تبادلتها إدارتي الخليج والرائد عطفاً على ترديد ثلة جاهلة من الجماهير لبعض العبارات المشينة أكثر من تسليط الضوء على ملابس لاعب ما في طريقه لمعسكر المنتخب؟
ثلاثة أمثلة فقط كافية على تبيين أي وحل فكري سقطت فيه رياضتنا، ضاربة عرض الحائط بكل الفرص الحقيقية لتقديم وجه رائع جميل للرياضة كجزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع.
متى تتسلّم الرموز الإعلامية دورها القيادي لتمرير بعض القناعات الوطنية والأخلاقية للشباب عبر رياضة يعشقها ويتبنى من خلال طرحها وجوها العام ما تتبنى؟
لذلك أقول لصديقي العزيز: ارفع رأسك عالياً، فيكفيك أن ما عابك هي مثالية في زمن لا يظهر من رياضتنا سوى أقبح أمثلتها.
خاتمة...
على نوب الزمان ** وإن أبى القلب الجريح
فلكل شيء آخِر ** إما جميل أو قبيح
(ابن نباتة السعدي)