إبراهيم عبدالله العمار
اليوم حلقة أخرى من سلسلة «ملوك الماضي يحسدوننا»، عن نِعمنا العظيمة اليوم مقارنة بالماضي، وقبل أن نبدأ، أريد أن أسأل: هل تعرف ويكيبيديا؟
موسوعة ويكيبيديا.. هذه الموسوعة ثورة لم يمر على التاريخ البشري مثلها.
احتاجت ويكيبيديا 100 مليون ساعة من وقت المتطوعين لتكتمل.
وبما أن العلِمَ لا ينضب أبدًا وكل علم يجر علمًا آخر فإنها تزيد حجمًا وتفصيلاً باستمرار وذلك بزيادة الناس للساعات التي يتطوعون فيها لنشر العلم وتصحيحه في هذه الموسوعة الفريدة.
مشاهدة التلفاز تأخذ 200 مليار ساعة في أمريكا وحدها... في سنة واحدة فقط! لتوضيح الصورة فإن الأمريكان يقضون نفس الفترة التي احتاجتها موسوعة ويكيبيديا لتكتمل... في يومين على التلفاز، وليس في مشاهدة البرامج بل هذا الوقت الذي يقضيه الأمريكان في مشاهدة الدعايات فقط! ناهيك عن البرامج والرياضة والأفلام إلخ.
لو أن الأمريكان توقفوا سنة واحدة عن مشاهدة التلفاز وأعطوا هذا الوقت لمساعدة العالم فسيكون للعالم تريليون ساعة. زاد تضييع الوقت بظهور الإنترنت، ومن الأشياء التي وقع فيها هذا الشعب هو مواقع التواصل الاجتماعي.
في شهر يوليو فقط من عام 2012م قضى الأمريكان على مواقع التواصل الاجتماعي 121 مليار دقيقة، ولو وزعناها على كل الشعب لكان هذا 6 ساعات ونصف الساعة لكل أمريكي، أو ما يعادل 230060 سنة لو جمعنا كل هذا الوقت!
هذه صارت وباءً ليس للأمريكان فقط بل حتى شعوبنا الإسلامية والعربية صارت لا تشبع منها، والمشكلة أن أكثر ما فيها تضييع للوقت، فتجد فتاة في موقع تواصل اجتماعي تصور كعكة أو كرسيًا ولديها جمهور ضخم يقضون الوقت في تصفح صور عادية يراها كل إنسان كل يوم، أو شخص يصنع أصواتًا سخيفة وأشكالاً صبيانية بوجهه ولديه من المتابعين الشيء العظيم. وبينما كان تصفح الإنترنت ممكنًا في السابق فقط أمام الحاسب فاليوم صار أكثره على الجوال الذي يرافق كل شخص في كل مكان، وهكذا زاد الوقت الضائع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ. والفراغ نعمة من أوجه كثيرة، منها أنك لست تقضي الكثير من وقتك لتحصيل قُوْتِك، فالناس في بعض مناطق إفريقيا يقضون ما لا يقل عن 4 ساعات كل يوم لجلب الماء فقط، غير الساعات الأخرى لبقية الأشياء كالطعام واللباس والدواء وضرورات أخرى. تخيل ربع أو خُمس وقتك الضائع هذا لو خصصته للقرآن، أليس هذا أفضل؟ بدلاً من ساعتين تقضيهما أو تقضينهما كل يوم على انستغرام وتويتر وسنابتشات خذي منها فقط نصف ساعة لحفظ وفهم سورة المائدة.
أو قراءة صحيح البخاري وترسيخ سنة رسول الله في نفسك.
أو قراءة كتاب عن الرياضيات أو الأحياء أو التاريخ.
أو المشي في فناء المنزل أو أمام البيت للرياضة. أو زيارة قريب أو قريبة.
أو تعلم لغة جديدة.
ما أكثر الأشياء الطيبة التي يمكن فعلها لو اقتطعناها من الساعات الضائعة على التلفاز والإنترنت!
لا عليك مما ما فات. عليك مما هو آت.
ابدأ اليوم.